ويمكن أن يريد بتأخّره تأخّره عن الحياة ومقارنته للوفاة. والأوّل أوفق بمذهب المصنّف؛ لأنّه يرى جواز تقديم القبول على الوفاة (١) والثاني للمشهور (٢).
ومبنى القولين على أنّ الإيجاب في الوصيّة إنّما يتعلّق بما بعد الوفاة؛ لأنّها تمليك أو ما في حكمه بعدَ الموت ، فلو قبل قبلَه لم يطابق القبول الإيجاب ، وأنّ المتعلّق بالوفاة تمام الملك على تقدير القبول والقبض لا إحداث سببه ، فإنّ الإيجاب جزء السبب فجاز أن يكون القبول كذلك وبالموت يتمّ ، أو يجعل الموت شرطاً لحصول الملك بالعقد ، كالبيع على بعض الوجوه (٣) وهذا أقوى. وتعلّق الإيجاب بالتمليك بعد الموت لا ينافي قبوله قبلَه؛ لأنّه قبوله بعدَه أيضاً.
وإنّما يصحّ القبول على التقديرين (ما لم يردّ) الوصيّة قبلَه (فإن ردّ) حينئذٍ لم يؤثّر القبول؛ لبطلان الإيجاب بردّه. نعم لو ردّ (في حياة الموصي جاز القبول بعد وفاته) إذ لا اعتبار بردّه السابق ، حيث إنّ الملك لا يمكن تحقّقه حال الحياة ، والمتأخّر لم يقع بعدُ.
وهذا بمذهب من يعتبر تأخّر القبول عن الحياة أوفق. أمّا على تقدير جواز تقدّمه (٤) في حال الحياة فينبغي تأثير الردّ حالتها أيضاً؛ لفوات أحد ركني العقد حال اعتباره. بل يمكن القول بعدم جواز القبول بعد الردّ مطلقاً (٥) لإبطاله الإيجاب
__________________
(١) الدروس ٢ : ٣٢٦.
(٢) ذهب إليه ابن زهرة في الغنية : ٣٠٦ ، والعلّامة في المختلف ٦ : ٣٣٨ ، والقواعد ٢ : ٤٤٤ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ١٠ : ١١.
(٣) فإنّه لا يثمر الملك إلّابعد انقضاء مدّة الخيار على رأي الشيخ ، راجع الخلاف ٣ : ٢٢ ، المسألة ٢٩.
(٤) في سوى (ع) : تقديمه.
(٥) ولو في حياة الموصي.