المسلمون أن تتحدثوا عن دخول الجنة قبل أن تعرفوا الثمن الكبير لها.
(وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) من أتباع الرسالات الذين واجهوا الكافرين بكل قوة ، وحاربوا المستكبرين بكل ثبات ، فكانت النتيجة الصعبة أنهم (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) ، وواجهتهم المشاكل الصعبة ، والآلام الحادّة ، والأوضاع القاسية في أنفسهم وأهليهم وأموالهم ، وأحوالهم العامة والخاصة ، ومواقعهم الصغيرة والكبيرة ... (وَزُلْزِلُوا) ففقدوا الثبات في مواقفهم وأوضاعهم ، بحيث عاشوا الزلزال النفسي الذي ينطلق من حالة نفسية صعبة تثير القلق في الداخل لا شعوريا ، وتصنع الزلزال الشعوري من دون اختيار.
وبدأ اليأس يدب في النفوس ، والخوف يزحف إلى القلوب حتى في مستوى القاعدة والقمة : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أمام هذا الزلزال النفسي الذي لم يتحول إلى زلزال فكري لأن الرسالة في وعي الرسول ، والإيمان في وجدان المؤمنين ، لا يزالان منفتحين على الله ؛ ولكن طول الأمد وقسوة البلاء أطلقا الصرخة التي تستعجل النتائج وتترقب النصر : (مَتى نَصْرُ اللهِ)؟ في سؤال ابتهالي يتطلع فيه الرسول والمؤمنون إلى الله في عالم الغيب الذي لا يدركون تفاصيله ، ويأتي الجواب في إحساسهم أو في وحي الله : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) ولكن هناك شروطا موضوعية ، وسننا تاريخية ، وقوانين اجتماعية مما أودعه الله في نظام حركة المجتمعات الإنسانية ... لا بد من توفرها في فعلية النصر الذي بدأت ملامحه تقترب من الواقع كله.
وهكذا ينبغي لكم ـ أيها المسلمون ـ أن تواجهوا الموقف على مستوى الصبر في الواقع الصعب والأمل بنصر الله في المستقبل القريب.
* * *