ونتطلع إلى الله في وعي بأنه سيمنحنا النصر إن عاجلا أو آجلا من خلال مواقعنا القادمة إلى خط النصر وأنه وليّ النصر ، أوّلا وأخيرا ، فنحصل على الجنة كما حصلوا عليها في أجواء لطفه ورضوانه.
وعلى هدي ذلك ، يمكننا أن نثير الآية في حياتنا ، عند ما نتطلع إلى المسلمين الأولين في صدر الدعوة الإسلامية عند ما (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا) في أكثر من موقف ، لا سيما في ما حدثنا عنه القرآن في سورة الأحزاب : (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) [الأحزاب : ١١ ـ ١٢] ولكنهم انتصروا على كل نقاط الضعف (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) [الأنعام : ١١٥] (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) [النصر : ١] في نهاية المطاف.
قد يكون من الضروري أن نثيرها في حياتنا وإن لم تكن نازلة فيهم ، لأنها توحي بذلك من خلال الفكرة التي تعتبر المناسبة القرآنية في النزول نموذجا للفكرة وليست جامدة في نطاق الزمان والمكان والأشخاص. ولهذا فإنها تجري مجرى الليل والنهار في حركة دائمة واستيعاب شامل.
إن علينا أن نشعر دائما بالحقيقة الإسلامية التالية : وهي أن الإيمان والإسلام يمثلان خطا واحدا يحكم الحياة في بداياتها ونهاياتها على أساس خصوصيات المراحل الواقعة على منازل الطريق ، وأن المؤمنين الآن يمثلون الامتداد للمؤمنين في الماضي ، بما يواجهونه من تحديات وعقبات ومتاعب ، وما يتحملونه من البأساء والضراء ، وما يتجهون إليه من أهداف ، فهم يتألمون في المواقع التي تألّم فيها الأوّلون ، ويجاهدون في المجالات التي جاهدوا فيها ، ويتحملون قسوة الضغوط بالمستوى الذي تحمّله أولئك ، ليظل التاريخ في حركة دائمة يدفع فيها الماضي القضية إلى الحاضر ، ويقودها الحاضر بكل أمانة نحو المستقبل ، في جهاد وإيمان ، وصبر ، ونداء دائم يقاوم كل نوازع الزلزال النفسي في داخل المسيرة : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى