الصعبة الضاغطة على إرادتهم وحيلتهم ، لئلا يشعروا بالحرج في البداية بالتكليف في القتال ، وبذلك يستطيعون أن يتعمّقوا أكثر في إيمانهم ، ويسيروا في مدارج النمو في العقيدة والعمل بأسلوب واقعي متحرك يوحي لهم بالامتداد والحركة في جوّ من الفكر الهادىء والخطوات الهادئة الواقعية.
وهكذا استطاع الإسلام أن يركز قواعده بخلق جيل من الدعاة الذين عاشوا المعاناة بأعمق معانيها وأرحب مجالاتها وأشد ظروفها ، فانطلقوا مع النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة ، ليركزوا قواعد المجتمع الإسلامي الجديد. وبدأت المرحلة الجديدة للإسلام في عملية التقدم إلى الأمام من خلال صنع القوة الذاتية التي تواجه التحدي بمثله ، وتخترق الحواجز الموضوعة أمامها في الطريق من أجل أن تمنعها من التقدم. وكان القتال شريعة هذه المرحلة.
وبدأت الصعوبات النفسية تقف أمام هذه الشريعة في نفوس بعض المسلمين الذين استراحوا ـ أو هكذا توحي الآية ـ للدعوة المسالمة التي تتلقى الضربات دون أن ترد عليها ، فإن الجهد الذي كانوا يلاقونه من خلال الاضطهاد لم يكن ليعرضهم للخطر الكبير الذي يتعرضون له من خلال القتال ، بل كل ما هناك أنه يثير فيهم حالات نفسية صعبة ضاغطة كانوا يتحملونها بصبر وإيمان ، مع الاحتفاظ بخط السلامة الوديع في الحياة. وقد يبدو أنهم تأففوا من هذه الفريضة الصعبة ، أو اعترضوا ، أو حاولوا التخلص منها ، كما توحيه كلمة كما (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) ، لأنه كان يعني السير إلى الموت باختيار ، كما يعني الاستمرار فيه مدى استمرار التحديات الكافرة المشركة.
وكانت طريقة الإسلام أن يدفع المسلمين إلى الممارسة العملية من خلال القناعة الفكرية والاستجابة الروحية ، بالإضافة إلى الاستسلام الإيماني الذي تفرضه العقيدة الإسلامية المرتكزة على التسليم لله في كل الأمور ، فكانت هذه الآية من أجل تقرير الحقيقة الواقعية في ما يحبه الإنسان مما لا يكون فيه كبير مصلحة له ، أو في ما يكرهه الإنسان مما لا يكون فيه أية مضرة له ، الأمر