إنهم يقيمون الدنيا ويقعدونها باسم الدفاع عن الحرمات والمقدسات ، وذلك في دائرة حرماتهم ومقدساتهم ، ولا يسمحون لأحد بالحديث عن انتهاكهم لحرمات المستضعفين ـ من المسلمين وغيرهم ـ بل يحاولون تبريرها بعنوان الدفاع عن الحضارة والإنسان ، لأنهم يرون أنهم وحدهم أصحاب الحق الحضاري في الوجود ، أما الآخرون فهم الهوامش التي لا ضرورة لها في أكثر الحالات إلا بالمقدار الذي يحفظ حياتهم.
إن علينا أن نستوحي من الآية الكريمة الثقة بالموقف ، والابتعاد عن كل الحرب النفسية التي يشنّونها علينا باسم القيم الإنسانية الكبرى ، بل أن نواجه ذلك بكل قوة ، انطلاقا من وعي الأسس التي يرتكز عليها العاملون في سبيل الله في خط المواجهة والوقوف عندها ، في دراسة دقيقة للسلبيات والإيجابيات ، والاقتصار بها على ظروفها الخاصة ، لنؤكد للجميع أن الإسلام لا يريد للعدوان أن يأخذ حريته في الاعتداء على الناس من دون أن يقفوا بقوة للرد عليه ، ويطوروا أساليبهم في هذا الاتجاه ، فلا يقتصروا على وسيلة واحدة ، بل يمكن لهم أن يستوحوا الشرع في تنويع الوسائل ، حتى التي لا تملك شرعية في ذاتها ، ولكنها تملكها بلحاظ حالات الطوارئ الضاغطة. فإن الإسلام يؤكد القيمة ما دامت في مصلحة الإنسان. فإذا تحوّلت إلى خطر عليه ، أسقطها وجعل القيمة في الاتجاه الآخر.
ولا بد للعاملين في الدعوة إلى الله في دائرة الاعلام السياسي والثقافي من توعية المسلمين ، لا سيما البسطاء والساذجين منهم ، حتى لا يقعوا في قبضة الاعلام الاستكباري باستثارة القيم الروحية والأخلاقية الإنسانية في وجدان المسلمين ، ليقفوا ضد إخوانهم المجاهدين عند ما يقومون ببعض الأعمال التي ينطلقون بها في خط الشرعية على أساس فهمهم للواقع ، فيتهمونهم بانحرافهم عن الإسلام ، كما يحدث ذلك في مرحلتنا الحاضرة ، التي يعيش فيها المسلمون الحركيون في صراع دائم مع القوى الاستكبارية في