ذلك إلى تفضيل الكافرين على المؤمنين لبعض الأعمال الصالحة عند أولئك ، ولبعض الأعمال السيئة عند هؤلاء ، مع أن القضية لا تسير في هذا الاتجاه إسلاميا ـ كما توحيه الآية ـ.
لا بد من دراسة إيحاءات الأسلوب الذي واجه به المشركون من قريش قتال المسلمين لبعض المشركين في الشهر الحرام ، بالدعاية المضادة التي حاولوا فيها تشوية صورة المسلمين بأنهم لا يرعون للمقدسات حرمة ، فيسفكون الدم الحرام ، وينتهكون حرمة الشهر الحرام بالعدوان على الناس بأخذ الأموال وأسر الرجال ونحو ذلك.
فقد نلاحظ أن أعداء الله من الكافرين والمستكبرين يعملون على الاستفادة من بعض الأخطاء التي يقع فيها المسلمون من خلال الغفلة ، أو الظرف الضاغط عليهم الذي يفرض عليهم الوقوع في الخطأ ، أو الاجتهاد الحركي في النظرة إلى الواقع في مواجهة القوى الطاغية التي تصادر حرياتهم ، وتضعف مواقعهم وتهدد وجودهم ومصالحهم ومواقعهم ، وتعمل على أن تحشرهم في الزاوية الحرجة ، فيلجئون إلى تجاوز الأساليب المألوفة في الصراع إلى أساليب أخرى لا تمثل قيمة أخلاقية في المطلق ، ولكنها تمثل قيمة أخلاقية في الحالة الطارئة ـ في الخط العام ـ باعتبار أن التخفف من خطر الضغط الكافر أو الاستكباري لا يمكن الوصول إليه إلا بهذه الطريقة.
وهنا يقف الاعلام الكافر أو المستكبر ليثير حربا إعلامية شعواء على الإسلام والمسلمين ، على أساس إلصاق تهمة الإرهاب الوحشية والإساءة إلى حقوق الإنسان ، وليخفي كل الظروف التي فرضت عليهم ذلك ، مما يمثل تبريرا في الواقع الإنساني في العام ، لأن القضية ـ عندهم ـ أن يشوهوا الصورة العامة للإسلام والمسلمين ، بعيدا عما هي الحقيقة في طبيعة الملامح الحقيقية لحركة الصورة في الواقع.