ذلك ، ورخصة لهم في ذلك إذا تحرّوا الصلاح بالتوفير على الأيتام. وعن الحسن وغيره. وهو الوارد والمروي في أخبارنا ـ كما في مجمع البيان (١) ـ.
وتختم الآية الجواب بتعميق الإحساس بقضية الممارسة الواعية لإصلاح أمر اليتامى ، (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) ، وذلك بالإيحاء بأن الله يراقب عمل الإنسان في داخل النفس وخارجها ، ويعلم المفسد من المصلح في ما يقومان به من الإفساد والإصلاح ، ويحاسب كلا منهما على ما عمله من خير أو شر.
ثم أكّد عليهم بأن الله يريد للناس من خلال تشريعاته أن يحقق لهم الانسجام والراحة والطمأنينة ، فتلك هي مشيئته في ما يريد للناس من حياة ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) لأوقعهم في العنت ، وهو المشقة. وفي ضوء ذلك ، لا بد للإنسان من أن يفهم التشريع في كل ما يحلّله وما يحرّمه من أمور الحياة ، حتى في الأمور التي يشعرون معها بالتعب والمعاناة ، فإن نتائج ذلك لا تبتعد عن مصالحهم الحقيقية.
وكانت خاتمة الآية (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) باعتبار أن عزته توحي بقوة مشيئته ، كما أن حكمته توحي بارتباط التشريع بمصلحة الإنسان.
وقد يستوحي الفقيه من قوله سبحانه : (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) أن التصرف في أمر اليتيم ، سواء كان متعلقا بماله أو بحياته الخاصة والعامة ، لا بد أن تكون فيه مصلحة له ، لأن ذلك هو الذي يتبادر من قوله : (إِصْلاحٌ لَهُمْ) كما يتبادر ذلك من قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأنعام : ١٥٢] فلا يكفي في شرعيته أن لا يكون ذلك مفسدة له ، ولا بد من التأمل في ذلك ، وفي
__________________
(١) انظر : مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٥٥٩.