الشيء بشكل مطلق من دون سبب أو علّة ، بل يعني أن الله قدّر لها الوجود بأسبابها المادية والمعنوية ، فلا منافاة بين تقدير وجودها وتوقفها على حصول الأسباب ، وقد يكون الدعاء سببا معنويا للوجود بالإضافة إلى الأسباب المادية الأخرى التي يرتبط بها ارتباطا عفويا ؛ فإذا لم يصدر الدعاء من العبد لم يوجد شيئا ـ حسب التقدير الإلهي ـ لأن سببه المعنوي لم يوجد ، وهذا ما قد تشير إليه الأحاديث المتضافرة عن أهل البيت عليهمالسلام : «من القدر الدعاء» (١) ، لأن الله جعل له دورا في مسألة التقدير. وقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ، في رواية ميسر بن عبد العزيز عنه ، كما ورد في الكافي ، «قال : قال لي : يا ميسر : ادع ولا تقل إن الأمر قد فرغ منه ، إن عند الله عزوجل منزلة لا تنال إلا بمسألة ، ولو أن عبدا سدّ فاه ولم يسأل لم يعط شيئا ، فسل تعط. يا ميسر إنه ليس من باب يقرع إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه» (٢).
وقد جاء في بعض الأحاديث عن الدعاء أنه يرد القضاء وقد أبرم إبراما ، كما جاء في رواية بسطام الزيّات عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام قال : «إن الدعاء يرد القضاء وقد نزل من السماء وقد أبرم إبراما» (٣).
وروى أبو همام إسماعيل بن همام عن الرضا عليهالسلام قال : قال علي بن الحسين عليهالسلام : إن الدعاء والبلاء ليترافقان إلى يوم القيامة. إن الدعاء يرد البلاء وقد أبرم إبراما (٤).
وربما يفسّر هذا الحديث وما قبله بأن الأسباب المادية التي تفرض وجود البلاء وتهيّئ الظروف لحركة القضاء ، قد تكون متوفرة في الواقع الذي يحيط بالإنسان في دائرة الظروف الموضوعية المتصلة بعلاقة المسبب بالسبب ، فيأتي
__________________
(١) البحار ، م : ٣٢ ، ج : ٩٠ ، ص : ٤١٦ ، باب : ١٦ ، رواية : ٣٧.
(٢) الكليني ، الكافي ، ج : ٢ ، ص : ٤٣٧ ـ ٤٣٨.
(٣) م. ن. ، ج : ٢ ، ص : ٤٤٠.
(٤) م. ن. ، ج : ٢ ، ص : ٤٤٠.