والقرب ، كلها ألفاظ مستعملة عن طريق التكنية» (١).
ويمكن أن نلاحظ على ذلك ، أن التعبير بهذه الكلمات الكنائية الإيحائية كان منطلقا من استعمالها في كلام العرب للدلالة على هذه المعاني الفاحشة ، تماما كما هو التعبير بالكلمات الصريحة. وقد جاء في السيرة النبوية الشريفة أن النبي صلىاللهعليهوآله كان يتحدث عن الجماع بالكلمات الأكثر وضوحا عند ما تمس الحاجة ، مما يوحي أن مسألة الاستقباح تابعة للعرف الحضاري الذي يختلف بين مرحلة وأخرى ، فإن الفحش في المعنى لا في الكلمة.
(لِباسٌ) : الثياب التي من شأنها أن تستر الأبدان. ولعل هذا التعبير ينطلق من استعارة لطيفة ، فإن كلّا من الزوجين يمنع صاحبه من اتباع الفجور ، فكأن كلّا منهما لباس لصاحبه بحيث يواري به سوأته ، ومنه جعل التقوى لباسا باعتبار أنه يمنع الإنسان من إظهار عيوبه بإبعادها عن حياته. وقد يكون للتعبير وجه آخر.
(تَخْتانُونَ) : تخونون عن قصد واختيار. قال الزمخشري : والاختيان من الخيانة ، كالاكتساب من الكسب ، فيه زيادة وشدة» (٢). أما الراغب فيقول في مفرداته : «والاختيان : مراودة الخيانة ، ولم يقل : تخونون أنفسكم ، لأنه لم تكن منهم الخيانة بل كان منهم الاختيان. فإن الاختيان تحرّك شهوة الإنسان لتحرّي الخيانة» (٣).
(الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) : بياض النهار ، وأصل الخيط هو الخط الممتد المستقيم.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢ ، ص : ٤٥.
(٢) الزمخشري ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر ، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، دار الفكر ، ج : ١ ، ص : ٣٣٨.
(٣) مفردات الراغب ، ص : ١٦٢.