الخصائص الذاتية المتمثلة في عناصر وجوده ، إذا أراد الإنسان أن يدخل بيته أو بيوت الآخرين ، فإن من الطبيعي بحسب نظام البيت أن يدخله من بابه الذي هو المدخل له.
وإذا كان هذا هو المفروض في الواقع المادي للبيوت والأبواب ، فإن من الممكن الاستيحاء المعنوي في القضايا الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية ، بأن ندخل إليها من مداخلها التي يمكن أن تكون نقطة البداية في التحرك نحوها ، إن من جهة طبيعة القضية أو من ناحية الوسيلة التي توصل إليها ، والأسلوب الذي يتمثل في طريقة التعامل معها.
وربما كانت الفقرة المذكورة «كناية عن النهي عن امتثال الأوامر الإلهية والعمل بالأحكام المشرّعة في الدين ، إلّا على الوجه الذي شرّعت عليه ، فلا يجوز الحج في غير أشهره ، ولا الصيام في غير شهر رمضان ، وهكذا ... وكانت الجملة على هذا متمّمة لأول الاية ، وكان المعنى : إن هذه الشهور أوقات مضروبة لأعمال شرّعت فيها ، ولا يجوز التعدّي بها عنها إلى غيرها ، كالحج في غير أشهره ، والصوم في غير شهر رمضان ، وهكذا ، فكانت الاية مشتملة على بيان حكم واحد» (١). ولكننا نلاحظ على هذا الاحتمال أن الحديث عن الالتزام بالمواقيت لا يمثل أية مشكلة في الذهنية العامة للناس ، فلا يفكر أحد أن يقوم بالعمل في غير وقته ، كما لا يفكر مسلم بالإتيان بالحج في غير شهره ، وبالصيام في غير شهر رمضان ، الأمر الذي يجعل من إثارة هذا الموضوع في خصوصيته إثارة لأمر غير ذي موضوع ، فيدخل في دائرة العبث ـ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا ـ.
(وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) حيث تتحول التقوى إلى صورة إنسانية نموذجية في الواقع الإنساني ، لينطلق الإنسان في مبادراته وأوضاعه وعلاقاته بالحياة
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢ ، ص : ٥٧.