دليل الاستصحاب من أن قوله (ع) لا تنقض اليقين بالشك ناظر إلى اثبات اليقين بالواقع في ظرف الشك ، أو إلى المتيقن باثبات كونه هو الواقع ولو بتوسيط اليقين بجعله في القضية مرأتا إليه ( فعلى الأول ) كما اخترناه سابقا ، يتعين الوجه في تقديمه عليها بكونه بمناط الحكومة دون غيرها ( لأنه ) بتكفله لاثبات اليقين بالواقع مثبت لما هو الغاية المأخوذة في حديث الرفع والحجب ودليلي الطهارة والحلية ، وهو العلم والمعرفة فيكون بهذا الاعتبار حاكما على الأصول المغياة بالعلم والمعرفة ( وهكذا ) بالنسبة إلى قوله (ع) كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ، حيث يكون الاستصحاب بدليل اعتباره حاكما عليه ورافعا لموضوعه تعبدا ، بناء على كون المراد من الورود فيه هو وصول النهي والعلم به ، لاصرف ورود النهي الواقعي حتى يكون أجنبيا عن أدلة البراءة ( واما على الثاني ) وهو رجوع النقض فيه إلى المتيقن ( فلا مجال ) لحكومة الاستصحاب عليها ( بل لا بد ) وأن يكون تقديمه على تلك الأصول بمناط الورود ، أو التخصيص ( فعلى القول ) بان الغاية فيها عبارة عن العلم بمطلق الحكم أعم من الواقع والظاهر يكون الاستصحاب واردا عليها لا محالة ( إذ باستصحاب ) الوجوب أو الحرمة يحصل العلم الوجداني بالحكم الظاهري فيرتفع موضوع تلك الأصول ( واما على القول ) بان الغاية فيها عبارة عن العلم بخصوص الحكم الواقعي ( فلا محيص ) من أن يكون تقديمه عليها بمناط التخصيص دون الورود ودون الحكومة ( لعدم ) حصول العلم بالحكم الواقعي من قبل الاستصحاب لا وجدانا ولا تعبدا ( لان ) غاية ما يقتضيه دليل الاستصحاب حينئذ انما هو العلم الحقيقي بالحكم الظاهري ، وهذا العلم لم يجعل غاية للحكم الظاهري في هذه الأصول ( ولازمه ) وقوع التعارض بين الاستصحاب ، وبين تلك الأصول ( إذ مفاد ) الاستصحاب هو التعبد ببقاء المتيقن من الوجوب أو الحرمة في ظرف الشك بالواقع ، ومفاد تلك الأدلة هو التعبد بحلية المشكوك فيه ونفى الالزام عليه ( ومعه ) لا محيص في تقديم الاستصحاب عليها من كونه بمناط التخصيص دون الحكومة ( ولا يفيد ) في اثبات حكومة الاستصحاب عليها مجرد كونه من الأصول التنزيلية المحرزة