التواتر وهو كونه خبر جماعة يفيد بنفسه القطع موجود فيه لكثرة طرقه واقرار الصحابة به من موافقي علي ومخالفيه كما علمت ، وترك البخاري وصاحبيه روايته لا يدل على عدم تواتره مع رواية من سواهم من المحدثين واهل السيرة له ، وكم من حديث متواتر لم يذكره البخاري وصاحباه خصوصا اذا كان حجة عليهم ، ومتى قال مخالفونا ان تخلف علي ومن معه وسعد بن عبادة ومن اتبعه عن ابي بكر وانكارهم بيعة غير قادح في الاجماع على إمامته فلا ينبغي لهم ان يقدحوا في الاجماع على الخبر المذكور بترك البخاري وصاحبيه روايته مع عدم تصريحهم بانكاره ، فالاعتراض في الخبر من هذا الوجه مندفع.
الثاني (١) : عدم تعيين المولى فيه بمعنى الأولى واحتمال كونه لغيره من المعاني كالناصر والحليف ، وزاد الصبان الشافعي في كتابه اسعاف الراغبين (٢) على ذلك انه لم يعهد كون المولى بمعنى الأولى لا شرعا وهو واضح ، ولا لغة اذ لم يذكر احد من ائمة العربية ان مفعلا بمعنى افعل والجواب عنه ان نقول لهم : انكم حكمتم على لفظ مولى في قوله تعالى : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) (٣) وفي قول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (ايما امرأة نكحت بدون اذن مولاها) (٤) انه بمعنى الأولى ومالك الأمر للقرينة الحالية والمقالية ونفيتم عنه ما سوى ذلك من معانيه ولازم ذلك الحكم على مولى في الخبر بانه بمعنى الأولى بالمؤمنين لوجود القرينتين الحالية والمقالية على ارادته منه ونفى ما سواه من المعاني كما ذكرنا أولا وهما دليلان يجب العمل بهما في المقام كما
__________________
(١) من الوجوه على عدم دلالة حديث الولاية على الامامة كما يرى خصوم الشيعة.
(٢) ص ١٥٣.
(٣) الحديد من الآية (١٥).
(٤) استشهد في تاج العروس ١٠ / ٣٩٩ بالآية المتقدمة ، وهذا الحديث ، وحديث «من كنت مولاه» بأنّ الولي ، والمولى معناهما واحد.