الشرائع والدلائل على توحيد الله تعالى ، ويحتمل أن يكون المبلّغ والمبيّن بفتح اللّام والياء في الآيتين الفرائض الدينيّة والاحكام الكليّة والحدود الشّرعية لا جميع الاحكام حتّى الجزئية في الوقائع المتجدّدة ولا جميع الوحي ، وهذا الوجه وان لم يذكره أحد من المفسرين الّا أنّه قريب من مفهوم الآيتين واذا لم يكن المبلغ والمبيّن في الآيتين عامّين سقط احتجاج الخصوم بهما على مطلبهم ، اذ لا دليل لهم فيهما إلّا على تقدير عموم المبلغ والمبيّن وشمولهما لجميع الاحكام كما هو ظاهر.
الثاني : سلمنا انّ مفاد الآيتين ظاهر العموم ولكن قد عارضتهما آيات اخر دالّة على انّ لله في كل واقعة حكما معيّنا وأن لكل شيء عنده حدا مثل الآيات المتقدّمة ومثل قوله جلّ وعلا : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (١) فانّها ظاهرة بل صريحة في ان كلّ ما حصل فيه اختلاف بين الأمّة فلله فيه حكم معيّن ولم يكن مهملا عند الله تعالى والمنصوص لا يكون فيه اختلاف ومثل آيات الردّ عند الشارع الى الله والى الرّسول والى أولي الأمر ، وبيان توجيهها ان الردّ الى الله والى الرّسول والى اولي الأمر عند التنازع في الحكم اما ان يكون لبيان الحكم ورفع الاختلاف فيه في تلك الواقعة أو لا والثاني باطل قطعا وعلى الاول اما ان يكون لله تعالى في تلك الواقعة حكم معين بيّنه لرسوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وبيّنه الرّسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لوليّ الأمر أو لا فان كان الثّاني فلا فائدة عليه في الردّ عند التنازع الى الرّسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) اذ الاختلاف على هذا لا يرتفع بالرّد إليه لأن جوابه على هذا الوجه للمختلفين اذا رجعوا إليه انّه ليس لله فيما اختلفتم فيه حكم معين بيّنه لي وانتظر بيانه لي حتى اخبركم به فيزول الاختلاف عنكم بل الحكم في واقعتكم
__________________
(١) الشوري : ١٠.