هذه دائر مدار الاجتهاد فما ادّى إليه اجتهاد احدكم فهو حكمه فليعمل عليه وهكذا يكون الجواب من ولي الأمر بعد الرّسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ومن الله أيضا فأيّ فائدة على هذا في الردّ إليهم عند التنازع اذا لم يكن الاختلاف مرتفعا به ، بل يكون عبثا والله لا يأمر به فيثبت الاوّل وهو كون الردّ إليهم لبيان الحكم المعيّن في الواقعة ورفع الاختلاف فيها بالبيان للمختلفين ذلك الحكم ومنه يثبت انّ لله فيها حكما معيّنا وهو المطلوب ، ومثل ذلك آيات أخر سيأتي ذكرها ، وحيث حصل التعارض وجب الجمع بحمل الآيتين على إرادة تبليغ احكام خاصّة وتبيينها لا على جميع الاحكام وقول النّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) للمظاهرة (وما اظنك الا وقد حرمت عليه) بعد قوله (لم ينزل على فيك قرآن) (١) شاهد بان كل واقعة تقع فلله فيها حكم معيّن وانّ النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ينتظر الحكم فيها من الله تعالى حتّى يحكم به.
الثالث : سلمنا عموم الآيتين وشمولهما لجميع الاحكام وعدم تخصيصهما من الوجه السابق لكن لا نسلّم وجوب التّبليغ والتّبيين لجميع المكلّفين لم لا يجوز ان يكون تبليغ جميع الاحكام وتبيينه للبعض من المكلّفين وهم أولو الأمر وبه يحصل امتثال الأمر وآية الرد إليهم عند الاختلاف شاهدة بذلك بما مر من التقريب وما سيأتي ، ولا ينافيه لفظ النّاس وفي آية التبيين الظاهر في الجميع لاطلاق الناس في القرآن العزيز على الواحد وعلى الجماعة قلّوا او
__________________
(١) الظاهر أن المؤلف رحمهالله وهم فنقل ما هو حجة عليه لأن رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا يحكم بالظن. والذي قال لها ذلك زوجها ـ كما في فتح القدير للشوكاني ٥ / ١٨٤ ـ قال لها : ما أظنك إلا حرمت عليّ فانطلقي الى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فاسأليه فأتت النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فقال : (يا خولة ما أمرنا في أمرك بشيء) الخ وفي رواية الزمخشري في الكشاف ٤ / ٦٩ (ما عندي في أمرك شيء).