كثروا قال الله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) (١) وقال : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) (٢) وقال عزوجل : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٣) ومثله كثير يطول به الكلام والنّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قد بلغ جميع الوحي والاحكام وبينها لخلفائه الكرام فحصل المطلوب.
الرّابع : سلمنا العموم في الوجهين المبلغ والمبلغين والمبيّن والمبينين لهم لكن لا نسلم ان المراد تبيين جميع الوحي والاحكام لجميع النّاس وتبليغهم اياها تفصيلا ، لم لا يجوز ان الامر بالتبليغ والتّبيين لبعضهم تفصيلا في جميعها وللباقين تفصيلا واجمالا ، واحالتهم على من فصّل له الجميع فيما لم يبيّنه لهم مفصّلا؟ فيكون النّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) على هذا الوجه قد بلغ جميع الاحكام وبينها لجميع النّاس وسينكشف لك هذا الوجه في المقدّمة الآتية والنّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قد فعل ذلك فبيّن للامّة مفصّلا ما بيّن من الفرائض وحدودها والمحرمات ومواضعها ودلّهم على من يرجعون إليه في بيان ما لم يبيّنه لهم فقال : (اني مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي) (٤) وقال في شأن عترته (تعلموا منهم ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم) (٥) وقال : (اقضاكم عليّ) (٦) يعني اعلمكم بالقضاء وقال لعلي
__________________
(١) آل عمران : ١٧٣.
(٢) البقرة : ١٩٩.
(٣) النساء : ٥٤.
(٤) حديث الثقلين مشهور بل متواتر حتى قال ابن حجر في الصواعق ص ٩٩ : «إن طرقه وردت عن نيف وعشرين صحابيا» بل جاء في العبقات ـ كما في طبعته الأخيرة بتعريب السيد الميلاني ـ رواه اكثر من ثلاثين صحابيا وما لا يقل عن مائتي عالم من كبار علماء اهل السنة بألفاظ مختلفة ومعنى متفق.
(٥) هذا تابع لحديث الثقلين انظر الصواعق ص ١٣٥.
(٦) الاستيعاب لابن عبد البر : ٣ / ٣٨.