وتوفّي في شهر ربيع الآخر ، وله نيّف وستّون سنة (١). ومصنّفه الّذي سمّاه «الإملاء» انتشر في الأقطار.
وكان عديم النّظير في الفتوى ، ورعا ، ديّنا ، محتاطا في مأكله وملبسه إلى الغاية.
وكان لا يأكل الرّزّ لكونه لا يزرعه إلّا الجند ، ويأخذون مياه النّاس غالبا ويسقونه.
سمع : الحسن بن عليّ المطّوّعيّ ، وأبا المظفّر محمد بن أحمد التّميميّ ، وأبا القاسم القشيريّ ، وخلقا.
روى عنه : أحمد بن إسماعيل النّيسابوريّ ، وأبو طاهر السّنجيّ ، وعمر بن أبي مطيع ، وآخرون (٢).
__________________
(١) ولد في سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
قال ابن الجوزي : ورأى رجل في المنام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : قل له أبشر ، فقد قرب وصولك إليّ ، وأنا أنتظر قدومك. رأى ذلك ثلاث ليال ، ثم جاءه فبشّره ، فعاش بعد سنتين ، وتوفي في هذه السنة. (المنتظم).
(٢) وصفه ابن السمعاني بأنه أحد أئمّة الإسلام. (تهذيب الأسماء) ومن يضرب به المثل في الآفاق بحفظ مذهب الشافعيّ الإمام ومعرفته وتصنيفه الّذي سمّاه «الإملاء» سارت في الأقطار مسير الشمس ، ورحل إليه الأئمة والفقهاء من كل جانب وحصّلوه واعتمدوا عليه ، ومن تأمّله عرف أن الرجل كان ممن لا يشقّ غباره في العلم ولا يثني عنانه في الفتوى ، ومع وفور فضله وغزارة علمه كان متديّنا ورعا محتاطا في المأكول والملبوس.
وسمعت زوجته وهي حرّة بنت عبد الرحمن بن محمد بن علي السنجاني تقول إنه كان لا يأكل الأرزّ لأنه يحتاج إذا زرع إلى ماء كثير ، وصاحبه قلّ أن لا يظلم غيره في سقي الماء.
وسمعتها تقول : سرق كل شيء في داري من ملبوس حتى المرط الّذي كنت أصلّي عليه ، وكانت طاقية الإمام عبد الرحمن زوجي على حبل في صحن الدار لم تؤخذ ، فوجد السارق ، فقبض عليه بعد خمسة أشهر ، وردّ علينا أكثر المسروق ولم يضع إلّا القليل ، فاتفق أن الإمام عبد الرحمن سأل السارق : لم لا تأخذ الطاقية؟ فقال : أيّها الشيخ تلك الطاقية أخذتها تلك الليلة مرات ، فكل مرة إذا قربت منها كانت النار تشتعل منها حتى كادت أن تحرقني ، فتركتها على الحبل وخرجت.
وذكر ابن السمعاني أن شيخه أبا بكر احمد بن محمد بن إسماعيل الجرجرائي كان إذا حدّثهم عن الشيخ أبي الفرج قال : أخبرنا الإمام حبر الأمّة وفقيهها أبو الفرز الزاز.
وقال السبكي : وأبو الفرج فيما أحسب نويزي بضم النون وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف