وثلاثمائة (١) وقد دخلت بغداد في الرّابع والعشرين من شوّال ، فساعة دخولي لم يكن لي شغل إلّا أنّ مضيت إلى ابن البطر ، وقد حكمت عليه ، وكان شيخا عسرا فقلت : قد وصلت من أصبهان لأجلك.
فقال : اقرأ. وجعل موضع الرّاء من اقرأ غينا (٢). فقرأت عليه وأنا متّكئ لأجل دمامل في موضع جلوسي. فقال : أبصر ذا الكلب يقرأ وهو متّكئ! فاعتذرت بالدّماميل ، وبكيت من كلامه. وقرأت عليه سبعة وعشرين حديثا ، وقمت. ثمّ تردّدت ، وقرأت عليه خمسة وعشرين جزءا ، ولم يكن بذاك.
توفّي ابن البطر في سادس عشر ربيع الأوّل (٣).
وقد أنبا بلال المغيثيّ (٤) عن ابن رواج (٥) ، عن السّلفيّ ، عنه ، بجزء «حديث الإفك» ، للآجرّيّ. وروى هذا الجزء أبو الفتح بن شاتيل (٦) ، وهو غلط من بعض الطّلبة وجهل ، فإنّ أبا الفتح لم يلحقه.
وقال السّمعانيّ : كان أبو الخطّاب يسكن باب الغربة (٧) عند المشرعة (٨) ،
__________________
(١) وقال ابن السمعاني : وكانت ولادته في سنة سبع أو ثمان وتسعين وثلاثمائة. (الأنساب ٩ / ١٣٤).
(٢) في الأصل : «عينا» بالعين المهملة.
(٣) وقال ابن السمعاني : كان شيخا صالحا ثقة. سمع الحديث من أصحاب المحاملي ، وعمّر حتى انفرد في وقته بالرواية ، ورحل إليه طلبة الحديث وتزاحموا عليه. (الأنساب ٩ / ١٣٣).
(٤) في الأصل : «المغني» ، والتصحيح من (معجم شيوخ الذهبي ١ / ١٥٤ رقم ٢٠٠) فهو : بلال بن عبد الله الأمير الكبير حسام الدين أبو الخير الحبشي الخطي المغيثي الجمدار ، ويعرف بالوالي. ربّى ملوكا وأولاد ملوك ، وكان وافر الحرمة له أوقاف وبرّ ، وفيه حبّ للرواية وعنده سفائن أجزاء عن ابن رواج وغيره. مات بعد الهزيمة في رمل مصر سنة ٦٩٩ ه.
(٥) في الأصل : «ابن رواح» بالحاء المهملة ، وهو غلط.
(٦) في الأصل رسمت : «شاسل».
(٧) الغربة : أحد أبواب دار الخلافة ببغداد. (معجم البلدان ٤ / ١٩٢). وقال ابن السمعاني : الغربي : بفتح الغين المعجمة والراء وفي آخرها الباء الموحّدة. هذه النسبة إلى محلّة ببغداد مما يلي الشط يقال لها : باب الغربة ملاصق دار الخلافة. (الأنساب ٩ / ١٣٢ ، ١٣٣).
وقد تحرّفت في (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٢٤٠) إلى «باب الغرمة»!
(٨) المشرعة : هي سبيل الماء.