الخيّاط من كثرة الخلق والتّبرّك بالجنازة.
وقال السّمعانيّ : وقد رئي بعد موته في المنام ، فقيل له : ما فعل الله بك؟ قال : غفر لي بتعليمي الصّبيان فاتحة الكتاب.
وكان إمام مسجد ابن جردة بالحرم الشّريف ، واعتكف فيه مدّة يعلّم العميان القرآن لله ، ويسأل لهم ، وينفق عليهم.
قال ابن النّجّار في «تاريخه» : إلى أن بلغ عدد من أقرأهم القرآن من العميان سبعين ألفا. قال : هكذا رأيته بخطّ أبي نصر اليونارتيّ.
قلت : هذا غلط لا ريب فيه ، لعلّه أراد أن يكتب سبعين نفسا ، فكتب سبعين ألفا. ولا شكّ أنّ من ختم عليه القرآن سبعون أعمى يعزّ وقوع مثله (١).
قال السّلفيّ : ذكر لي المؤتمن السّاجيّ في ثاني جمعة من وفاة أبي منصور : اليوم ختموا على رأس قبره مائتين وإحدى وعشرين ختمة ، يعني أنّهم كانوا قد قرءوا الختم قبل ذلك إلى سورة الإخلاص ، فاجتمعوا هناك ، ودعوا عقيب كلّ ختمة.
قال السّلفيّ : وقال أبي عليّ بن الأمير العكبريّ ، وكان رجلا صالحا :حضرت جنازة أبي منصور ، فلم أر أكثر خلقا منها ، فاستقبلنا يهوديّ ، فرأى كثرة الزّحام والخلق فقال : أشهد أنّ هذا هو الحقّ ، وأسلم.
توفّي يوم الأربعاء سادس عشر محرّم سنة تسع (٢) ، ودفن بمقبرة باب حرب (٣).
__________________
(١) علّق ابن الجزريّ على قول المؤلّف بما نصّه : «لا يزال الذهبي يستبعد الممكنات ويردّ على الثقات ، وهذا الرجل ، أعني أبا منصور كان منتصبا للتلقين منقطعا إليه ، وعمّر طويلا ، ولا يخفى كيف كانت بغداد وما كان بها من العالم ، فهذه دمشق أخبرني الشيخ الصالح إبراهيم الصوفي الملقّن بالجامع الأموي أنّ الذين قرءوا عليه القرآن نيف عن عشرين ألفا. (غاية النهاية ٢ / ٧٤).
(٢) ووقع في (المعين في طبقات المحدّثين ١٤٧) أن وفاته سنة ٤٩٧ ه.
(٣) راجع تعليقنا على الترجمة السابقة.