منقوض ، واخرى يقال : وجهه كون الشكّ في بقاء حكم الزيد ناشئا عن نفاد عليّة العلم للوجوب أو بقائها ، فاستصحاب حكم الكلّي ـ حيث إنّه رافع للشكّ في بقاء العليّة ـ يكون مقدّما على استصحاب حكم الجزئي ، وبهذا يمكن تقريب تقدّم الاستصحاب التعليقي أيضا على الفعلي المخالف ، فإنّ الشكّ في بقاء حكم الحرمة مسبّب عن نفاد عليّة الغليان وعدمه ، فالاستصحاب التعليقي يرفع هذا الشكّ.
فإن قلت : تمام ما ذكرت إلى هنا مبني على أن يكون الأفراد الملحوظة هي الذوات المعرّاة عن وصف تلبّسها بالعنوان ؛ إذ هذا معنى التعليليّة ، ولو كان الوصف مأخوذا لكان العنوان جهة تقييديّة ، وكذلك يكون النتيجة في القياس أيضا وهو قولنا : العالم حادث مثلا هو ذات العالم ، لا العالم المتقيّد بوصف التغيّر ، ومسلميّة هذا في محلّ المنع ، لإمكان أن يقال : إنّ قولنا : زيد عالم ، يكون الملحوظ فيه عند قولنا : زيد ، هو المعنى الذي لا يقبل محمولا مقابلا للعالم ، وهكذا قولنا : زيد جاهل يكون ملحوظ المتكلّم عند قوله : زيد ، معنى غير قابل لحمل غير الجاهل ، وعلى هذا تكون الجهة تقييديّة لا تعليلية ، كما هو واضح.
قلت : نعم ما ذكرت أيضا ممكن ، لكنّ الأمر على هذا دائر بين ما ذكرنا ـ فلا إشكال ـ وبين ما ذكرت ، وحينئذ يمكن دعوى خفاء الواسطة ، فإنّ وجود هذا التقيّد في الموضوع على فرض ثبوته يكون بمثابة من الدقّة والخفاء ، بحيث يشتبه الأمر على العرف ويتوهّمون كونه نفس الذات.
والحاصل إمّا ندّعي أنّ ملحوظ القائل في جميع الموارد ليس إلّا معنى واحدا ، وهو مفاد زيد الذي هو لا بشرط عن العلم وغيره ، وعلى هذا فلا إشكال في الاستصحاب ، وإمّا ندّعي بأنّ الموضوع والملحوظ ولو بنحو تعدّد الدال والمدلول هو المقيّد ، لكنّ العرف لا يفهم التقييد ، وعلى هذا أيضا لا إشكال في الاستصحاب لخفاء الواسطة.