أيضا ، فالكلام كلّه في ما إذا اريد إيراد النفي والإثبات على أصل وجود كلّ من الحادثين ، بدون إضافة قيد إليه أصلا.
وحينئذ يفترق الحال في ما كان أحد الحادثين معلوم التاريخ والآخر مجهوله ، وفي ما كان كلاهما مجهوله ، ففي الأوّل لا استصحاب في المعلوم التاريخ ، إذ الفرض أنّ حدوث الملاقاة مثلا في أوّل طلوع الخميس معلوم ، فلا شكّ في عدم الملاقاة قبله ، ولا شكّ في انتقاض عدمها بالوجود بعده.
وهذا بخلاف الحال في المجهول التاريخ ، فإنّ أصل انتقاض عدم الكريّة مثلا بالوجود وإن كان معلوما ، لكن زمانه مردّد بين ما قبل طلوع الخميس ونفسه وما بعده ، فلا يجرى استصحاب عدمه في الجزء الأخير المعلوم فيه انتقاض العدم إمّا فيه أو في سابقه ، ولكن لا مانع من استصحاب عدمه في ما قبله ، الذي منه زمان الطلوع الذي حدث فيه الملاقاة.
هذا هو الحال في مجهول تاريخ أحدهما ، فيكون عدم الكريّة محرزا بالأصل والملاقاة التي هي جزء آخر للموضوع محرزة بالوجدان ، فيكون الماء قد لاقي النجس بالوجدان ، وهو ليس بكرّ في حال حدوث الملاقاة بالأصل.
وأمّا المجهول تاريخ كليهما فالمقصود فيهما أيضا استصحاب أصل الوجود إثباتا أو نفيا ، لا الوجود المضاف بأحد الاعتبارين ، فإشكال عدم الحالة السابقة على تقدير وعدم الفرق بينهما وبين المجهول أحد التاريخين وإن كان مدفوعا ، ولكن هنا شبهة اخرى وهي أنّ قيد زمان الحادث الآخر في قولنا : نشكّ في وجود أحد الحادثين وانتقاض عدمه في زمان الحادث الآخر ليس جزوا من المستصحب حتّى يكون هو الوجود الخاص بأحد الاعتبارين ، بل المستصحب نفس العدم الأزلي في كلّ منهما بلا أخذ شيء فيه.
وحينئذ لا محالة يصير قيد زمان الآخر إشارة صرفة إلى الأجزاء الخارجيّة من الصبح والعصر والظهر وغير ذلك ، فلا بدّ أن يكون الشكّ متحقّقا في نفس الزمان الخارجي المشار إليه بهذا العنوان.