وأمّا العقل ، فللزوم اختلال نظام المعاش والمعاد لو بني على المداقّة في كلّ جزئي جزئي من الامور المرتبطة من الإنسان بغيره ، فإنّ هذا الاشتغال يشغله عن جميع المهامّ ، وإلّا فلا بدّ من ترك العشرة ، وهو أيضا موجب للاختلال ، فالعقل بعد ملاحظة ذلك يحكم بحقيّة الأصل المذكور ، لأنّ ما كان نقيضه مستلزما لامور باطلة كان نقيضه باطلا ، لأنّ مستلزم الباطل باطل ، فلا محالة يكون ذلك الشيء حقّا ، لأنّ نقيض الباطل حقّ.
ثمّ لا شبهة في أنّ المحمول عليه عند العقلاء هو الصحّة الواقعيّة ، فيحكمون بتفكيك الزوجة عقيب طلاق الغير واقعا ، وملكيّة المال عقيب بيعه كذلك ، فيقدمون على تزويج المرأة وشراء المال من المشتري وانتقاله إلى وارثه وهكذا ، دون الصّحة الاعتقادية ، وهذا واضح جدّا ، إلّا أنّ تشخيص موارد هذا الأصل من حيث الضيق والسعة وأنّه جار مطلقا حتّى يعلم الخلاف من غير فرق بين الموارد ، أو يختصّ مورده ببعض المقامات فمحلّ الشبهة والإشكال ، والقدر المتيقّن من مورده ما إذا جهل حال الفاعل رأسا من حيث كونه عالما بالصحيح والفاسد أو جاهلا معذورا ، أو مقصّرا مباليا بالصحّة أو غير مبال في اموره ، أو علم علمه بالصحيح ولم يعلم عدم مبالاته.
وأمّا إذا احرز أنّه معتقد لخلاف الواقع باجتهاد خطائي أو تقليد كذلك ، أو جاهل مقصّر ، أو أنّه غير مبال في أفعاله بالصحيح ، فلا يعلم وجود البناء في هاتين الصورتين.
* * *