في غير الحج لا يكون رفثا ولا محرما ، وكذلك الفسوق. وانما أراد بذلك تغليظ تحريمه والنهي عنه.
ومن شأن أهل اللغة إذا أكدوا تحريم شيء ، أدخلوا فيه لفظ النفي ، لينبئ عن تحقيق التحريم وتأكيده وتغليظه ، كما أن في مقابلة ذلك إذا أرادوا أن يؤكدوا ويغلظوا الإيجاب ، استعملوا فيه لفظ الخبر والإثبات. كما قال الله تعالى (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(١) وانما أكد بذلك وجوب أمانه ، وكان هذا القول آكد من أن يقول : فآمنوا من دخله ولا تخيفوه.
وكذلك قوله عليهالسلام «العارية مردودة ، والزعيم غارم» (٢) وانّما المراد به أنّه يجب رد العارية ، وغرامة الزعيم الذي هو الضامن ، وأخرج الكلام مخرج الخبر للتأكيد والتغليظ ، فهذا في باب الإيجاب نظير ما ذكرنا في باب الحظر والتحريم.
فان قيل : فأي فائدة في تخصيص هذه المواضع نفي الربا فيها مع ارادة التحريم والتغليظ. والربا محرم بين كل أحد وفي كل موضع.
قلنا : في تخصيص بعض هذه المواضع بالذكر مما يدل على أن غيرها مما لم يذكر بخلافها. وهذا مذهب قد اختلف فيه أصحاب أصول الفقه ، والصحيح ما ذكرناه. ومع هذا فغير ممتنع أن يكون للتخصيص فائدة.
أما الوالد وولده والحرمة بينهما عظيمة متأكدة ، فما حظر بين غيرهما وقبح في الشريعة ، فهو المحرمة بينهما أقبح وأشد حظرا. وكذلك الزوج وزوجته ، فيكون لهذا المعنى وقع التخصيص للذكر.
وأما الذمي والمسلم فيمكن أن يكون وجه تخصيصها هو أن الشريعة قد
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧.
(٢) جامع الأصول ٩ / ١١٠.