وقد بينا في مسألة منفردة أمليناها قديما واستقصيناها ، أنه غير واجب في الامام أن يكون عالما بالسرائر والضمائر وكل المعلومات ، على ما ذهب اليه بعض أصحابنا.
وأوضحنا أن هذا المذهب الحبيب (١) يقتضي كون الامام عالما لنفسه حتى يصح أن يعلم ما لا يتناهى من المعلومات ، لان العالم بعلم ـ والعلم لا يتعلق على التفصيل الا بمعلوم واحد ـ لا يجوز أن يعلم الّا معلومات متناهية العدد.
وإذا صحت هذه الجملة ، لم يمتنع أن يكون أمير المؤمنين عليهالسلام أكمل علوما من كل امام بعده ، وان كان من ناب منابه منهم عليهمالسلام كاملا لجميع علوم الدين والشريعة التي تقتضيها شروط الإمامة ، وانما زادت علومه عليهالسلام على علومهم في أمور خارجة عن ذلك ، كالغائبات والماضيات وأسرار السماوات ، فخوّف عليهالسلام من فوت هذه المزية في العلوم بفقده.
وهذا الذي ذكرناه يغني عما تمحل ذكره في المسألة ، ثم بين فساده.
المسألة التاسعة
[الوجه في الحاجة الى الامام]
إذا كانت العلة موجبة للحكم ، وهي التي يجب الحكم بوجودها ويرتفع بارتفاعها ، وكانت العلة التي لها احتاج المكلفون الى الامام المعصوم بجواز (٢) السهو عليهم وإمكان وقوع الخطأ منهم. ثم أحوجنا المعصوم عليهالسلام من ذلك
__________________
(١) ظ : العجيب.
(٢) ظ : جواز.