الفصل الخامس
[اعتماد المتكلمين على الخبر الواحد والجواب عنه]
من جملة المتكلمين من يذهب الى أن في أخبار الآحاد ما يضطر السامع له الى العلم بمخبره.
وقد حكى الجاحظ ذلك عن النظام أنه يقول : ان المخبر الواحد إذا تكاملت فيه الشروط وفي سامعه ، اضطره الى العلم بما تضمنه خبره ، وكان هو الفاعل للعلم في قلبه.
ومما تحتمله القسمة (١) ، ويصح أن يكون مذهبا ، وليس في العقول ما يحيله أن يكون في مصالح العباد في دينهم ودنياهم ، وما يقتضيه حسن تدبيرهم. أن يفعل الله تعالى العلم فيهم عند خبر الواحد ، إذا كان مضطرا الى ما أخبر به ، أو لا يصرفه عن السكون إلى سماعة والإصغاء اليه ، وسلم من مقارنة راويه لما يعارضه وممن يجحده ويكذب به.
ومتى قال هذا لم يعترض قوله ، ويفسده ما يذكره من يقول ان الله تعالى يفعل العلم بخبر المخبر ، ونقطع على أنه لا يفعله عند خبر الأربعة ، ويجوز
__________________
(١) ظ : النسبة.