وأخبار كذا ، ويجعل ما هو غرضه كأنه ناطق به وما يوصل به الى هذا الغرض ، كأنه رسول مخاطب بالتي سئل.
ولذلك يقول الفصيح منهم ركبت فرسي أو جملي ، فقلت له : اذهب بي إلى البلد الفلاني وأسرع بي اليه وهو ما قال شيئا ، وأن المعنى ما ذكرناه.
ومن أنس بفصيح كلام العرب ولطيف اشاراتها وسرائر فصاحاتها ، تمهّدت هذه الأجوبة التي ذكرناها تولية وتحققها لمطابقة طريقة القوم ومذاهبهم.
المسألة العشرون
[تأويل آية (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ) وغيرها]
ما جواب من استشهد على أن الملائكة أفضل من الأنبياء عليهمالسلام بقوله سبحانه (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ)(١) من حيث أن هذا الكلام المقصود به التعظيم والرفعة ، يدل على أن المذكور أفضل من الأول وأشهر في الفضل ، وأنه لو كان دونه لم يجز استعماله.
ويدل على أن القائل إذا كان حكيما لا يجوز أن يقول : لن يستنكف الوزير أن يأتيني ولا الحارس ، بل ينبئ عمن هو أجلّ وأعلى ، فقال : لن يستنكف الوزير أن يأتيني ولا الملك.
وهذا يوجب كون الملائكة أفضل من المسيح عليهالسلام ، سيما وليس المراد في قوله (الْمُقَرَّبُونَ) الاخبار عن قرب المكان ، لاستحالة ذلك عليه سبحانه ، وانّما المراد قرب المنزلة في الثواب وعظمها ، ووصفهم بذلك يدلّ على التعظيم.
__________________
(١) سورة النساء : ١٧٢.