كل مقتول ، علم الله تعالى أن تبقيته حيا مصلحة. ولو لا القصاص لم يكن ذلك ، فبان وجه قوله (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ).
المسألة الثامنة عشر
[حول آية السامري والإشكالات الواردة]
إذا كان إتيان (١) الله تعالى الآية بمن يعلم أنه يستفسد بها العباد ويدعوهم لأجلها إلى الضلال والفساد ، مستحيلا في العقول لما يؤدي إليه من انسداد الطريق إلى معرفة الصادق من الكاذب عليه ، ولكون ذلك وهنا في حكمته تعالى وعلم بالقبح وغناه عنه.
فكيف جاز أن يمكن السامري من أخذ القبضة التي فعل الله تعالى الخوار في العجل عند إلقائه لها فيه ، وقد كان مغويا لأتباعهم (٢) بني إسرائيل له بطاعتهم إياه وقبولهم منه وإذعانهم اليه.
وقد نطق القرآن بذلك في قوله سبحانه (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ ، فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى)(٣) الى آخر القول ، وقال سبحانه حكاية عن موسى عليهالسلام (فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ. قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)(٤).
وجاءت الأخبار بأنه أخذ هذه القبضة من تحت قدمي الملك ، وقال : انه رآه وقد وطئ مواتا فعاش (٥).
__________________
(١) خ ل : إيتاء.
(٢) ظ : لاتباع.
(٣) سورة طه : ٨٨.
(٤) سورة طه : ٩٥.
(٥) الدر المنثور ٤ ـ ٣٠٥.