المسألة الرابعة والأربعون
[جواز نكاح النساء في أدبارهن]
جواز نكاح النساء في أدبارهن. وهذه المسألة عليها أطباق الشيعة الإمامية ولا خلاف بين فقهائهم وعلمائهم في الفتوى بإباحة ذلك ، وانما يقل التظافر بينهم في الفتوى بإباحة هذه المسألة على سبيل التقية وخوف من الشناعة.
والحجة في إباحة هذا الوطء : إجماع الفرقة المحقة عليه ، وقد بينا إجماعهم حجة. ويدل أيضا عليه قوله تعالى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)(١) ومعنى (أَنَّى شِئْتُمْ) كيف شئتم ، وفي أي موضع أردتم.
فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون معنى قوله (أَنَّى شِئْتُمْ) أيّ وقت شئتم.
قلنا : هذه اللفظة تستعمل في الأماكن والمواضع وكل (٢) ما تستعمل في الأوقات ، ألا ترى انهم يقولون : ألق زيدا أين كان وأنى كان ، يريدون بذلك عموم الأماكن ، ولو سلمنا أنها تستعمل في الأوقات ، لحملنا الآية على عموم الأماكن والأوقات ، فكأنه قال : فاتوا حرثكم أيّ موضع شئتم وأيّ وقت شئتم.
فأما من يطعن على هذه بأن يقول : قد جعل الله تعالى النساء حرثا ، والحرث لا يكون الا حيث النسل ، فيجب أن يكون قوله (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) مختصا بموضع النسل. فليس بشيء ، لأن النساء وان كنا (٣) لنا حرثا فقد أبيح
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٣.
(٢) ظ : والمواضع كما تستعمل.
(٣) ظ : كن.