لنا وطئهن بلا خلاف بهذه الآية وبغيرها في غير موضع الحرث فيما دون الفرج وبحيث لا نسأل ، فليس يقتضي جعله تعالى لهن حرثا حظ (١) الاستمتاع في غير موضع الحرث.
ألا ترى أنه لو قال صريحا : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم في القبل والدبر وفيما دون الفرج وفي كل موضع يقع به حظ الاستمتاع ، لكان الكلام صحيحا.
وقد استدل قوم في هذه المسألة بقوله تعالى (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ)(٢) وقال : لا يجوز أن يدعوهم الى التعرض بالأزواج عن الذكران ، الا وقد أباح منهن من الوطء المخصوص مثل ما يلتمس من الذكران.
وكذلك قالوا في قوله تعالى (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ)(٣) وأنه لو لم يكن في بناته المعنى الملتمس من الذكران ما جعلهن عوضا عنه.
وهذا ليس بشيء يعتمد ، لانه يجوز ان يتعرض من إتيان الذكران بذلك من حيث كان له عنه عوض بنكاح النساء في الفروج المعهود (٤) ، كان فيه من الاستمتاع واللذة مثل ما في غيره. وكذلك القول في الآية الأخرى.
ألا ترى أنه كان يحسن التصريح بما ذكرناه فيقول : أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم من أزواجكم من الوطء في القبل ، لانه عوض عنه ومغن عن استعماله على كل حال.
__________________
(١) ظ : حظر الاستمتاع.
(٢) سورة الشعراء ١٦٥.
(٣) سورة هود : ٧٨.
(٤) ظ : المعهودة.