المسألة الثانية عشر
[سبب القول بأن الشهداء أحياء]
كيف يصح مع استحالة ورود السمع بما ينافي المعلوم استدلالا يرد عنا؟ فان المعلوم ضرورة ، وعلم الضرورة أقوى لكونه من الشبهة أبعد وأقصى.
وقد نهى الله سبحانه عن القول بأن الشهداء أموات ، وأخبر أنهم أحياء عند ربهم يرزقون ، وقال بعد ذلك (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(١).
هذا مع العلم حسا ومشاهدة بموتهم ، وكون أجسادهم طريحة لا حياة فيها مثل جسم مولانا الحسين عليهالسلام ، وكونه بالطف طريحا ، وبقاء رأسه مرئيا محمولا أياما ، وقد انضاف الى هذا العلم الضروري شهادات الحجج عليهمالسلام بأن الجسم الطريح جسمه والرأس المحمول رأسه.
وكذلك القول في حمزة وجعفر عليهماالسلام وأن الكبد المأكولة كبد حمزة ، واليدين المقطوعتين يدا جعفر وقول النبي صلىاللهعليهوآله : قد أبدله بهما جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة (٢) ، وروي أنه صلىاللهعليهوآله قال يوما : لقد اجتاز بي جعفر يطير في زمرة من الملائكة (٣).
فإن كانت هذه الحياة المأمور بالقطع عليها على الفور ، فهو دفع للضرورات وتكذيب المشاهدات والشهادات والمتناقضة نفسها ، وان كانت على التراخي وفي المعاد العام، ففيه بطلان ما اتفقت الطائفة (حرسها الله عليه) بأن المسلم عند
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٧٠.
(٢) جامع الأصول ٦ ـ ١٧.
(٣) بحار الأنوار ٢٢ ـ ٢٧٣ ـ ٢٧٦.