وليس بشرط فيمن لم يكن بهذه الصفة ، واختلاف المشروط على ما بيناه جائز بحسب الاختلاف في مقتضيها ومستدعيها ، وهذا واضح.
وهذا الكلام قد استقصيناه وأشبعناه في كتابنا المعروف ب «المختصر» (١) والكتاب المعروف ب «الذخيرة» وانتهينا فيه الى أبعد مراميه وآخر أقاصيه. وفي هذه الجملة المذكورة ها هنا كفاية.
المسألة الثانية
[الاستدلال بالشاهد على الغائب]
في الاستدلال بالشاهد على الغائب قالوا : ما تريدون بقولكم ان الحي الذي لا آفة به ، أو يستحيل عليه الآفات ، يجب أن يدرك المدرك إذا حضره؟
فان قلتم : نريد بذكر الافة فساد الآلات والحواس.
قيل لكم : أفتعدون فقد الحواس من الآفات أم لا؟
فان قلتم : لا.
قيل لكم : كيف يكون فسادها آفة مانعة من الرؤية ، ولا يكون عدمها مانعا من ذلك ، ان جاز ذلك فجوزوا أن يدرك الواحد منا مع فقد الحاسة.
وهذا يكشف عن فساد هذا الترتيب ، إذ يشترطون في المشاهد شيئا ليس هو في الغائب وكان يجب لانتفاء هذا [في] الغائب ، ألا تتوصلوا إلى إثبات هذه الصفة فيه بشرط ليس فيه ، بل في الشاهد دونه تعالى.
__________________
(١) الصحيح : الملخص.