وليس يمتنع أن يتخصص الشرط بحي دون حي ، وانما يمتنع ذلك في المقتضي ، لأن المقتضي هو المؤثر في الحقيقة ، والشرط ليس بمؤثر وان كان الحكم واقفا عليه. ولهذا جاز أن يكون الشرط غريبا من الموصوف وأجنبيا منه. ولا يجوز في المقتضي أن يكون كذلك وهما هو (١) نظير لهذه المسألة ومسقط للشبهة فيها.
انا كنا نقول : ان المقتضي لصحة الفعل هو كون القادر قادرا ، ونحن نعلم أن أكثر أفعالنا يقف صحتها منا على وجود آلات وجوارح ، ومن (٢) لم يتكامل صفاتها لم يصح الفعل منا ، وان كان أحدنا قادرا. ألا ترى أن البطش لا يتم منا الا بجوارح ، والكتابة والنساجة لا يصحان الا بآلات مخصوصة.
وليس يحتاج القديم تعالى في صحة الأفعال منه الى أكثر من كونه قادرا فقد خالفناه في الشرط وان وافقناه في المقتضي ، لما خالفناه في الوجه المقتضي للشرط فينا ، وهو كون أحدنا قادرا بقدرة ، لان كونه قادرا على هذا الوجه هو السبب في حاجته في كثير الأفعال إلى الجوارح والآلات. ولما كان القديم تعالى قادرا بنفسه لا بقدرة ، استغنى عن الآلات والجوارح ، كما استغني في كونه مدركا عن الحواس وصحتها.
فبان بهذه الجملة الجواب عن جميع ما تضمنه هذه المسألة ، وانا لا نقول على الإطلاق أن صحة الحواس وانتفاء الآفات عنها شرط في كون المدرك مدركا كما لا نقول على الإطلاق بأن ذلك ليس بشرط.
بل نقول : انه شرط فيما كان حيا بحياة ، للعلة التي ذكرناها وأوضحناها
__________________
(١) الظاهر زيادة «هما هو» ولعل المراد أن المقتضى والمقتضى متحدان وأنهما غير غريبين.
(٢) ظ : ومتى.