ويجوز أن يكون هارون عليهالسلام آمنه الله تعالى من القتل بالوحي ، فإنه كان نبيا يوحى إليه ، فأقدم على ذلك القول.
وأما الجمع بين أمير المؤمنين عليهالسلام وهارون في العلم بتصميم القوم على الخلاف واطراح العهد ، فكيف لم يستويا في الوعظ والزجر؟
فالجواب عنه : أنهما وان استويا في العلم بالتصميم ، فغير ممتنع أن يكون مع أمير المؤمنين عليهالسلام يأس من الرجوع منهم إلى الحق ، لم يكن مع هارون عليهالسلام مثله ، وخوف على نفس (١) الناكثين والقاسطين والمارقين وان أمن من الموت له في نفسه عليهالسلام ، فهو غير مؤمن له من وقوع ذلك بأهله وشيعته ، وغير مؤمن أيضا من الذل والاهتضام ، وهما شر من القتل وأثقل على النفوس.
المسألة العاشرة
[سبب اختلاف دلائل الأنبياء عليهمالسلام]
وأجاب ـ أجاب الله فيه صالح الأدعية في الدنيا والآخرة ـ عن الخبر الوارد عن ابن السكيت ، وقد سأل الرضا عليهالسلام عن سبب اختلاف دلائل الأنبياء ، فأخبره ان كلا منهم جار (٢) بجنس ما كان الأغلب على أهل عصره ، فبرز فيه على كافتهم وخرق عاداتهم (٣).
بأنه خبر واحد وذكر حكم الآحاد ، وأنها غير مؤثرة في أدلة العقول.
ثم تبرع بتأوله على ما يطابق القول بالصرفة فقال : ان العرب إذا تأملوا
__________________
(١) في هامش النسخة : وخبره على قتال. ولعل الظاهر : وخوف على تنافس.
(٢) ظ : جاء.
(٣) بحار الأنوار ١١ ـ ٧٠ والحديث منقول هنا بالمعنى.