فصاحة القرآن وبلاغته ، ووجدوا ما يتمكنون منه في عاداتهم من الكلام الفصيح يقارب ذلك مقاربة يخرجه من كونه خارقا لعادتهم فيه ، وأحسوا نفوسهم بتعذر المعارضة ، مع شدة الدواعي إليها وقوة البواعث عليها ، علموا أن الله تعالى خرق عاداتهم ، بأن صرفهم عن المعارضة التي كانت لو لا الصرف متأتية.
وهذا التأويل يقتضي أن المعجزة وخرق العادة ، وسياقة الحديث لا يتضمن أنهم عجزوا ، لأنهم صرفوا عما كان من شأنهم معارضته ، بل لانه برز عليهم كتبريز النبيين المتقدمين على أممهما فيما جاء به.
الجواب :
اعلم أن الذي تبرعنا بتأويل هذا الخبر عليه مستقر لا مطعن فيه ، لان كل واحد من الأنبياء لها أتين من أهل عصره ، بأنه (١) تجانس ما تخافوا يتعاطونه أتين النبي صلىاللهعليهوآله بإنزال القرآن عليه وإملائه [أن من رام عليه واعلائه](٢) أن من رام معارضته من العرب ، نعرف عنها مجرى الأمر على ذلك.
وهذه أمانة له عليهالسلام منهم ويبرز عليهم ، لانه لم يجر عادتهم بمثل ذلك ، كما لم يجر مثل آيات الأنبياء المتقدمين ، والمعجز ها هنا الخارق للعادة وان كان الصرف عن المعارضة ، فلهذا الصرف تعلق بالقرآن ، من حيث كان صرفا عن معارضته.
ويحمل لفظ الخبر الذي هو فاق منهم من عند الله تعالى من القرآن بما زاد به عليهم ، وبرز على كافتهم ، وأعجزهم عن الإتيان بمثله على أن المعنى ما زاد بالصرف عن معارضته عليهم ، وبرز بذلك على كافتهم. ولفظة «أعجزهم»
__________________
(١) ظ : بآية.
(٢) كذا في النسخة والظاهر زيادتها.