وهذا الإرسال من أن يكون عبثا ولغوا وما لا طائل فيه ، حتى نحتاج أن نقول كان يجب أن يواقف النبي صلىاللهعليهوآله مخالفوه ومعاندوه على أنه مكلف بهذا الإرسال لما لا فائدة فيه.
[كيفية معرفة أن أخبار الآحاد لا يعمل بها]
ثم يقال للمعترض بهذا الفصل : ألست تعلم أن أخبار الآحاد التي لا يعلم صدق رواتها لا يجوز أن يعمل بها في الشريعة؟ إلا بعد دليل يوجب العلم بأن الله تعالى تعبد بذلك وشرّعه ، حتى يسند العمل الى العلم ، فلا بد من الموافقة على هذه الجملة ، لأنها مسألة مقررة.
فيقال له : فمن أين علم الذين في أطراف البلاد أن النبي صلىاللهعليهوآله قد شرع لهم وأوجب عليهم بأخبار رسله وعماله ، مع أنهم لا يثقون بصدقه (١).
فان قيل : علموا ذلك من جهة هؤلاء الرسل.
قلنا : وكيف يعلمون ذلك من جهتهم وهم آحاد ، غاية خبرهم أن يكون موجبا للظن ، ولا مجال للقطع فيه.
فان قالوا : يعلمون ذلك بأخبار متواترة ينقلها الصادر إليهم والوارد ، مما يوجب العلم ويرفع الريب.
قلنا : فأجزوا لنا ما أجزتموه لنفوسكم ، وأقبلوا منا ما ألزمتمونا قبوله منكم ، فانا نقول لكم مثل ما قلتموه بعينه حذو النعل بالنعل.
فأما ما مضى في الفصل من أنه لا يستفيد أيضا ، فيما يؤديه إليه هؤلاء الرسل عند مؤدهم إليه شيئا ، فيصير العبث فيما يؤدونه عنه كالعبث فيما يؤدونه إليه ، قد مضى الكلام فيما يؤدونه عنه وبينا ما فيه من الفوائد والعوائد.
__________________
(١) ظ : بصدقهم.