عن أن ننقل الكلام الى أن الرسل والعمال انما يدعون أولا إلى النبوة وتصديق الرسالة ، بأن صرح بذلك في سؤاله ، وجعل الرسل الذين أنفذوا لهذا الغرض فلم يبق في كلامه شبهة ، لانه ما جرى في كلامه لمسألة الخلاف التي هي العمل في أحكام الشريعة بأخبار الآحاد ذكر، وانما جرى ذلك لما لا خلاف في أنه يعمل (١) بأخبار الآحاد فيه ، ولا يلتفت إليها في شيء منه.
وتحقيق هذا الكلام : أن النبي صلىاللهعليهوآله انما كان يبعث بالرسل الى بلاد قد اتصل بسكانها خبر نبوته ، ونقل إليها أعلام دعوته ، كما نقل إليها ظهوره صلىاللهعليهوآله ودعاؤه إلى نفسه ، ووسم (٢) هؤلاء الرسل أن يدعوهم ان كانوا غير عارفين بالله تعالى أولا إلى معرفته ، ويبثهم على العلم به والرجوع الى الأدلة القاطعة في ذلك.
ونحن نعلم أن قول هؤلاء ليس بحجة في المعارف ، وانما له حظ للتنبيه والتخويف ، والحث على تأمل الأدلة والنظر فيها. فإذا عرفوا الله تعالى لو كانوا عارفين به قبل مصيرهم إليهم دعوهم الى العلم بنبوته صلىاللهعليهوآله وصدق دعوته ، والرجوع في ذلك الى الأدلة القاطعة ، والحجج البينة التي ليس من جملتها أقوال هؤلاء الرسل.
فإذا عرفوا ذلك بأدلته وعلموه من طرقه ، ينبهونهم على الشرائع التي ورد النبيصلىاللهعليهوآله بها وأحالوهم في العمل بها والقطع عليها ، على المتواتر الشائع من الاخبار ، ولم يلزموهم قبول أقوالهم في ذلك ، كما لم يفعلوا مثله فيما تقدم.
فلا اعتراض على ما أوضحناه بإنفاذ هؤلاء الرسل ، ولا شبهة تقع في مثله ،
__________________
(١) ظ : أنه لا يعمل.
(٢) ظ : ورسم.