وكيف ساغ تمكينه من ذلك؟ فقد استدعى به بني إسرائيل إلى الضلال وكان معلها(١) كونه منه بهذه القبضة لله تعالى. وهل يجيء من كون ذلك قادحا في حكمة الله سبحانه؟ كون العقول دالة على بطلان ما دعا اليه. وفعل الآية مع المبطل من فاعلها سواء كان ما ادعى اليه جائزا في العقول ، أو في حيز المحال ، لأنها ينوب في التصديق له مناب قوله (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا)(٢).
وإذا لا فرق بين تصديقه فعلا وقولا ، ومن صدق كاذبا فليس بحكم (٣). وهل يجيء من ذلك ما يمكن بتجويزه من تقدم إلقاء القبضة والخوار من دعوى السامري.
وأي فرق بين كون ذلك الذي ادعاه شافعا للخوار وبين تقدمه له؟ في قبح تمكينه منه ، مع العلم أنه يستند به لكون القبضة والإلقاء معلومين للناس من جهته وصنعه.
وليس يجري ذلك مجرى ما يشاهده الناس من أن يتقدم على دعواه داع الى الباطل أو يتأخر عنها ، لان ذلك لا يكون معلوما وقوعه منه وحصوله من فعله ، كما حصل إلقاء القبضة معلوما من جهة السامري ، وشفع إلقاءه لها الخوار الذي وقع الفتنة به. فلينعم بما عنده في ذلك.
الجواب :
اعلم أن العلماء قد تأولوا هذه الآية على وجهين ، كل واحد منهما يزيل المعترضة فيها.
__________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) سورة الصافات : ١٠٥.
(٣) ظ : بحكيم.