في إبطالها على ما اقتضاه هذا الصريح الصحيح من المعقول المنقول.
الجواب :
اعلم أن قول أمير المؤمنين عليهالسلام قال : سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين جنبي علما جما لو وجدت له حملة (١). يدل على اشتماله على علوم الدين دقيقها وجليلها ، وعلى كل ما يجوز أن يسأل عنه سائل ، ويسترشد اليه جاهل.
لان معنى هذا الخبر لو كان هو الدلالة على قوة حظه من العلم ، ووفور نصيبه منه ، لكان متعرضا هذا القول المطلق لأن يسأل عما لا يعلمه وينخجل. وهذا تقرير (٢) وركوب خطر ، يجل عليهالسلام عنه ، وهو من (٣) هذا الذي تقدم من ذوي اللبابة. على أن يقول وهو متقدم القدم في المعلومات وليس بمحيطة بها «سلوني قبل أن تفقدوني» يدل على التحذير من فوت النفع بأجوبته مع فقده عليهالسلام.
وأن مفهوم الكلام يقتضي أنه عليهالسلام لا ساد مساده (٤) ولا قائم في العلم مقامه لانه لو كان يليه من هو في العلم مساو له ، لكان لا معنى للتحذير.
وتأويل هذا الخبر الذي يرفع الشبهة فيه أن الامام في كل زمان انما يجب بحكم إمامته أن يكون عالما بجميع علوم الدين ، حتى لا يشذ منه شاذ. وليس يجب بحكم الإمامة أن يكون عالما بالغائبات والكائنات من ماضيات ومستقبلات وإذا خص الله تعالى الإمام بشيء من هذه العلوم ، فعلى سبيل الكرامة والتفضيل والتعظيم.
__________________
(١) نهج البلاغة ص ٢٨٠.
(٢) ظ : تغرير.
(٣) ظ : ومن هذا.
(٤) ظ : مسده.