مختلفة ، فلا طريق الى العلم به الا السمع ، لان البيانات العقلية لا تدل عليه ولا تقتضيه. وإذا كان الغرض بإنزال القرآن أن يكون علما للنبي صلىاللهعليهوآله ومعجزا لنبوته وحجة في صدقه ، فلا حجة في هذا الغرض بين أن ينزل مجتمعا أو متفرقا.
وما تضمنه من الأحكام الشرعية فقد يجوز أن تكون مترتبة في أزمان مختلفة ، فيكون الاطلاع عليها والاشعار بها مترتبين في الأوقات بترتيب العبادات.
وكما أن ذلك جائز ، فجائز أيضا أن ينزل الله تعالى جملة واحدة على النبي صلىاللهعليهوآله ، وان كانت العبادات التي فيه تترتب وتختص بأوقات مستقبلة وحاضرة.
والذي ذهب إليه أبو جعفر ابن بابويه (رحمهالله) من القطع على أنه أنزل جملة واحدة ، وان كان عليهالسلام متعبدا بإظهاره وأدائه متفرقا في الأوقات. ان كان معتمدا في ذلك على الاخبار المروية التي رواها فتلك أخبار آحاد لا توجب علما ولا تقتضي قطعا ، وبإزائها أخبار كثيرة أشهر منها وأكثر ، تقتضي أنه أنزل متفرقا ، وان بعضه نزل بمكة وبعضه بالمدينة، ولهذا نسب بعض القرآن إلى أنه مكي وبعضه مدني.
وأنه صلىاللهعليهوآله كان يتوقف عند حدوث حوادث ، كالظهار وغيره ، على نزول ما ينزل اليه من القرآن ، ويقول صلىاللهعليهوآله : ما أنزل الي في هذا شيء.
ولو كان القرآن أنزل جملة واحدة لما جرى ذلك ، ولكان حكم الظهار وغيره مما يتوقف فيه معلوما له ، ومثل هذه الأمور الظاهرة المنتشرة لا يرجع عنها بأخبار الآحاد خاصة.