لإيقاع الإنسان في مستنقع الرّذيلة ، وشراك الخطيئة.
هذا الرأي مقتبسٌ في الأصل ، من حديث الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، المعروف ، عند ما خاطب الرسول صلىاللهعليهوآله ، قومٌ من المجاهدين ، رجعوا لتوّهم من الغزو فقال :
«مَرحَباً بِقَومٍ قَضَوا الجِهادَ الأَصغَرَ وَبَقيَ عَلَيهِم الجِهادُ الأَكبَرُ ، فَقِيلَ يا رَسُولَ اللهِ ، ما الجِهادُ الأكبرُ ، قالَ : جِهادُ النَّفسِ» (١).
وجاء في البحار في ذيل هذا الحديث : ثُمّ قَالَ صلىاللهعليهوآله :
«أَفضَلُ الجِهادِ مَنْ جاهدَ نَفْسَهُ الَّتي بَينَ جَنْبَيهِ» (٢).
هذا وقد فُسّرت بعض الآيات التي وردت في دائرة الجهاد ، بالجهاد الأكبر ، إمّا لأنّها تخصّ الجهاد مع النفس ، أو لمدلولها العام في حركة السياق القرآني ، الذي يتناول القِسمين للجهاد.
وجاء في تفسير القمي ، في ذيل الآية (٦) من سورة العنكبوت : (وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ، قَالَ عليهالسلام : «ومن جاهد نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَواتِ وَاللَّذَّاتِ وَالمَعاصِي» (٣).
ويمكن أن نستوحي هذا المعنى من هذه الآية ، من حيث إنّ فائدة الجهاد تعود على الإنسان نفسه ، ويتّضح ويتجلّى أكثر في الجهاد مع النفس ، وخصوصاً أنّ الآية التي جاءت قبلها ، تكلّمت عن لقاء الله : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ ...) ، ونعلم أنّ لقاء الله ، والشهود والقرب منه ، هو الهدف الأصلي للجهاد مع النفس.
وكذلك جاء في آخر آيةٍ من سورة العنكبوت : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
وهذه الآية أيضاً ناظرةٌ حسب الظاهر إلى الجهاد الأكبر ، وذلك لقرينة : (فينا) ، وجملة : (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) ، أو تتضمن مفهوماً عاماً يستوعب كلا النَّحوين من الجهاد.
وجاء أيضاً في الآية (٧٨) من سورة الحج : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما
__________________
١ ـ وسائل الشيعة ، ج ١١ ، ص ١٢٢ (باب ١ ، جهاد النفس).
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٧ ، ص ٦٥.
٣ ـ تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ١٤٨ ؛ بحار الانوار ، ج ٦٧ ، ص ٦٥.