المرحلة الرابعة : محو الأنانيّة ، والفناء في مُقابل عظمة الحق.
وفي هذه المرحلة التي ينقطع الإنسان فيها عن التّعلقات المادية ، من الأهل والأموال والأولاد واللّذات ، تكون الشّهوات الماديّة والخياليّة قد تغيّرت وتبدّلت ، إلى تعلّقٍ وإرتباطٍ روحي ومعنوي ، والذي يبقى هو التّعلق بالذّات والنّفسٍ ، وهذا التعلّقً متجذّر وقويّ لدرجةٍ كبيرةٍ جدّاً ، ولشدّة ظهوره : خفي ، وتبقى ملاحظةٌ واحدةٌ وهي ، أنّ هدف السّالك في جميع هذه المراحل هو الوصول إلى لقاء الله ، وفي الواقع والباطن أنّ كلّ عمل يكون قد أدّاه هو له ولنفسه.
وبعبارة اخرى : كان يُريد الوصول إلى المقامات العليا ، والقُرب من الله تعالى ، والحصول على الكمالات المعنوية والروحية ، فكلّ ذلك كان بدافع النّفس والذّات ، وليس لِلهدف الأصلي ، ولذلك فهو عند وصوله لمثل هذا المقام يفرح غاية الفرح ، ولكن إذا وصل غيره إلى هذا المقام ، فسوف لن يكون فرحاً لهذا الحد ، وهنا يجب أن تُحذف «الأنا» وتُنسى ، ويكون المحبوب للسّالك هو تجلّي الله سبحانه ، لا من خلال حبّ الذّات ، أو بعبارةٍ أوضح ، يجب أن تُمحى «الأنا» ، وهي الحِجاب الأكبر والمانعُ الأقوى ، وآخر الحُجب للوصول إلى الله تعالى ولقائه.
ولإزالة هذا المانع ، توجد عدّة طرق :
١ ـ طريق التّوجه القلبي لله تعالى ، والتّوحيد الذّاتي والصّفاتي والأفعالي ، ومنه يفهم أنّ غيره لا شيء في مُقابله.
٢ ـ التّفكر والإستدلال للوقوف بوجه «الأنانية» وحجاب النفس ، بمعنى أن يرى أنّ الله تعالى غير محدودٍ بحدٍّ ، وهو الأزلي والحقّ المطلق ، والنفس هي الموجود المحدود في كلّ شيء ، وفي منتهى الضّعف والعجز والفقر والحاجة إلى الله تعالى ، ومن دون المدد الإلهي فإنّها لا تستطيع الصّمود ولا لِلِحظةٍ واحدةٍ.
٣ ـ المعالجة بالأضداد ، بمعنى أنّه كلّما أحسّ بوجود «الأنا» في وعيه ، يعالج هذا الموقف بالتّوجه لله والصّالحين من عباده ، لكي يعيش في الحضور الدّائم مع الباري تعالى.
المرحلة الخامسة : في هذه المرحلة يصبح السّالك إنساناً ملكوتياً ، ويدخل في عالم