وقد إستدلوا على لزوم الرّجوع للُاستاذ تارةٌ ، بهذه الآية الشّريفة ، التي تقول : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١).
فرغم أنّها تتناول التعليم لا التربية ، ولكن الحقيقة أنّ التربية تعتمد على التّعليم في كثير من الموارد ، فلذلك يجب الرّجوع للمطلعين في مثل هذه الموارد ، وهذا المعنى يختلف إختلافاً واضحاً عن إختيار شخصٍ خاص ليكون ناظراً على أعمال وأخلاق الإنسان.
ويستشهد القائلون بضرورةِ المرشد تارةٌ اخرى ؛ بحكاية موسى مع الخضر عليهماالسلام ، فقد كان موسى عليهالسلام بحاجةٍ للخضر ، مع ما أنّه كان من الأنبياء وأولي العزم ، وقطع قسماً من الطّريق بمساعدته عليهالسلام.
ولكن وبإلقاء نظرةٍ فاحصةٍ على قصّة موسى والخضر عليهماالسلام ، نرى أنّ موسى عليهالسلام عند ما تعلم من الخضر عليهالسلام ، إنّما كان بأمر من الله تعالى لأجل الاطّلاع على أسرار الحكمة الإلهيّة بالنسبة للحوادث التي تحدث في هذا العالم ، والاخرى أنّ علم موسى عليهالسلام كان عملاً ظاهرياً ، «ويتعلّق بدائرة التّكليف» ، وعلم الخضر عليهالسلام علماً باطنياً ، (خارج عن دائرة التكليف) (٢) ، وهذا الأمر يختلف عن مسألة إختيار الاستاذ والمرشد ، في كل مراحل التّهذيب للنفس والسيّر في طريق التّقوى ، وإن كان يشير ولو بالإجمال إلى أهميّة كسب الفضيلة ، في محضر الاستاذ في خط التّكامل المعنوي.
وقد يستشهد لذلك أيضاً بحكاية لقمان الحكيم وإبنه ، فهو استاذ إلهي أخذ بيد إبنه وساعده في سلوك ذلك الطريق (٣).
ونقل العلّامة المجلسي في بحار الانوار ، عن الإمام السجّاد عليهالسلام أنّه قال : «هَلَكَ مَنْ لَيسَ لَهُ حَكِيمٌ يَرشُدُهُ» (٤).
ولكن ومن مجموع ما ذُكر ، لا يمكن إستفادة لزوم المرشد في دائرة السّلوك الأخلاقي و
__________________
١ ـ سورة الأنبياء ، الآية ٧.
٢ ـ يرجى مراجعة تفسير الأمثل ، ذيل الآية ٦٠ إلى ٨٢ من سورة الكهف.
٣ ـ يرجى الرجوع لتفسير الأمثل ، في تفسير سورة لقمان.
٤ ـ بحار الانوار ، ج ٧٥ ، ص ١٥٩.