١ ـ من جملة الامور الّتي توصل إليها علماء النّفس ، هو وجود روح الُمحاكاة في الإنسان ، يعني أنّ الأفراد ينطلقون في حركة الحياة ، من موقع الشّعور أو اللّأشعور ، بمُحاكاة أصدقائهم وأقاربهم ، فالأشخاص الّذين يعيشون حالة الفرح والسرور ، ينشدون الفرحة والحُبور من حواليهم ، والعكس صحيح.
فالأفراد المُتشائمين ، الذين يعيشون اليأس وسوء الظن ، يؤثرون على أصحابهم ، ويجعلونهم يعيشون حالة سوءِ الظّن ، وهذا الأمر يبين لنا السّبب في تأثير الأصدقاء بعضهم بالبعض الآخر بسرعةٍ.
٢ ـ مَشاهدة القبائح وتكرارها ، يُقلّل من قبحها في نظر المشاهد ، وبالتدريج تصبح أمراً عاديّاً ، ونحن نعلم أنّ إحدى العوامل المؤثّرة في ترك الذنوب والقبائح ، هو الإحساس بقبحها في الواقع النّفسي للإنسان.
٣ ـ تأثير التّلقين في الإنسان غير قابل للإنكار ، وأصدقاء السّوء يؤثرون دائماً على رفقائهم في دائرة الفكر والسّلوك من خلال عمليّة التلقين والايحاء ، فيقلبون عناصر الشرّ في إعتقادهم إلى عناصر الخير ، ويغيّرون حسّ التّشخيص لديهم لعناصر الخير والشرّ في منظومة القيم ، فتختلط عليهم الامور ، في خطّ المستقبل وكيفيّة التعامل مع الغير.
٤ ـ المُعاشرة لرفاق السّوء ، يشدّد سوء الظن في الإنسان مع الجميع ، وتفضي به هذه الحالة النّفسية السلبيّة إلى السّقوط في وادي الذّنوب والفساد الأخلاقي ، فنقرأ في حديث عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «مُجالَسَةُ الأَشرارِ تُورِثُ سُوءَ الظَّنِّ بالأَخيارِ» (١).
وجاء في حديث آخر عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أنّ معاشرة رفاق السّوء تميت القلب ، فقال :
«أَربَعٌ يُمِتنَ القَلبَ ... وَمُجالَسَةُ المَوتى ؛ فَقِيلَ لَهُ يا رَسُولَ اللهِ وَمَا المَوتى؟ ، قَالَ صلىاللهعليهوآله : كُلُّ غَنِيٍّ مُسْرِفٍ» (٢).
وهذا الموضوع ، يعني سريان الحُسن والقُبح الأخلاقي بين الأصدقاء ، في أجواء المُعاشرة إلى درجةٍ من الوضوح ، ممّا حدى بالشّعراء إلى نظم الشعر في هذا المضمار ، من قبيل قولهم :
__________________
١ ـ صفات الشيعة ، الصدوق نقلاً عن بحارالأنوار ، ج ٧١ ، ص ١٩٧.
٢ ـ الخصال ، (طبقاً لنقل بحار الأنوار ، ج ٧١ ، ص ١٩٥).