٤ ـ وَوَرد عنه عليهالسلام أيضاً ، في إشارةٍ إلى أنّ الجاهل يعيش دائماً في حالة إفراطٍ أو تفريطٍ ، فقال :
«لا تَرى الجَاهِلَ إلّا مُفْرِطاً أو مُفَرِّطاً» (١).
فطبقاً للرأي المعروف عن علماء الأخلاق ، أنّ الفضائل الأخلاقيّة هي الحد الأوسط بين الإفراط والتفريط ، الذي ينتهي إلى السّقوط في الرذائل ، ويُستفاد من الحديث أعلاه ، أنّ العلاقة بين الجهل من جهة والرذائل الأخلاقيّة ، من جهةٍ اخرى ، هي علاقةٌ وطيدةٌ جدّاً.
٥ ـ يقول كثير من علماء الأخلاق ، أنّ الخُطوة الاولى لإصلاح الأخلاق ، وتهذيب النّفس ، هي المحافظة على اللّسان والإهتمام بإصلاحه ، وقد ورد في الأحاديث الإسلاميّة ، تأكيد على علاقة الجهل ببذاءة اللّسان ، فنقرأ في حديثٍ عن الإمام الهادي عليهالسلام : «الجَاهِلُ أَسِيرُ لِسانِهِ» (٢).
وخُلاصة القول ، أنّ الرّوايات الإسلاميّة الكثيرة أكدت على علاقة العلم بالأخلاق الحسنة ، والجهل بالأخلاق السيّئة ، وكلّها تؤيد هذه الحقيقة ، وهي أنّ إحدى الطّرق المؤثرة لتهذيب النّفوس ، هو الصّعود بالمستوى العلمي والمعرفي لِلأفراد ، ومعرفة المبدأ والمعاد ، والعلم بمعطيات الفضائل والرذائل الأخلاقية ، في واقع الإنسان والمجتمع.
هذا الصعود بالمستوى العلمي للأفراد على نحوين :
النحو الأول : زيادة المعرفة بسلبيات السّلوك المنحرف ، والإطّلاع على أضرار الرذائل الأخلاقية بالنسبة للفرد والمجتمع ، فمثلاً عند ما يُحيط الإنسان علماً ، بأضرار المواد المخدّرة أو المشروبات الكحولية ، وأنّ أضرارها لا يمكن اصلاحها على المستوى القريب ، فذلك العلم سيهيّىء الأرضيّة في روح الإنسان ، للإقلاع عن تلك السلوكيّات المضرّة ، وبناءً عليه فكما أنّه يجب تعريف النّاس بمضرّات المخدرات ، والمشروبات الكحولية ، وعلينا تعريف النّاس بطرق مُحاربة الرّذائل وإحصاء عُيوبها ، وأساليب تنمية الفضائل ، وإستجلاء محاسنها ، ورغم أنّ ذلك لا يُمثّل العلّة التّامة لإحداث حالة التغيير ، والتّحول في الإنسان ، ولكّنه بلا شك يمهّد
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الرقم ٧٠.
٢ ـ بحار الانوار ، ج ٧٥ ، ص ٣٦٨.