للأوامر الإلهيّة ، والإجتناب عن الذّنوب ، عليه المُراقبة والمُواظبة على طهارته المعنوية ، لأنّه في أدنى غفلةٍ ، فإنّ النّفس ستَنقُض كلّ العُهود والمواثيق ، وتَسلُك به في خطّ المعصية مرّةً اخرى.
وطبعاً يجب أن لا ننسى ، أنّ الإنسان وقبل مراقبته لِنفسه ، فإنّ الملائكة تراقب أعماله ، فيقول القرآن الكريم : «وإنّ عَلَيكُم لَحافِظِينَ» (١).
فالحافظون هنا هم الذين يتولون عملية المراقبة لأعمال الإنسان ، وذلك بقرينة الآيات التي تردُ بعدها ، فتقول : (يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ)(٢).
وفي الآية (١٨) من سورة (ق) يقول تعالى : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).
وفوق هذا وذاك ، فإنّ الله تعالى مِن ورائهم محيط بكلّ شيء ، وفي الآية (١) من سورة النساء ، نقرأ : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).
وكذلك في سورة الأحزاب ، الآية (٥٢) : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً).
وفي الآية (١٤) من سورة العلق : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى).
والآية (٢١) من سورة سَبأ : (وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ).
ولكن المحلّقين في أجواء التّقوى وتهذيب النّفس ، يراقبون أفعالهم وسلوكياتهم ، قبل مراقبة الله تعالى لهم ، ويعيشون الوَجَلَ والخَوف من أعمالهم وفعالهم ، وفي مُراقبةٍ دائمةٍ ، لِئَلّا يصدر منهم ما يسلب تلك النّعمة ، والحالة العرفانيّة التي يعيشونها مع الله تعالى شأنه.
أو بعبارةٍ اخرى : الرّقيب الباطني يعيش معهم وعلى يقظةٍ دائماً ، بالإضافة إلى الرّقابة الخارجيّة ، وخوف الله تعالى.
وفي الحقيقة ، فإنّ الإنسان في هذه الدنيا ، حاله حالَ الذي يمتلك جوهرةً ثمينةً ، يريد أن يقايضها بمتاع له ولعيالِه ، ومن حَوالَيهِ السرّاق وقطاعُ الطّريق ، ويخاف عليها من السّرقة أو البيع بِثَمنٍ بَخْسٍ ، وإن غفل عنها لِلَحظةٍ فسيُضَيّعها ، وتذهب نفسه عليها حَسراتٍ.
__________________
١ ـ سورة الإنفطار ، الآية ١٠.
٢ ـ سورة الإنفطار ، الآية ١٢.