ومسألة الحساب هذه مهمّةٌ ، لدرجة أنّ أحد أسماء يوم القيامةِ ، هو : «يوم الحِساب» : (إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ)(١).
ويكون الإنسان هو الحَسيب على نفسه : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)(٢).
وبالنّظر لهذه الامور والظّروف ، فإنّ كلّ شيءٍ في الدنيا والآخرة يكون بِحساب ، فكيف يمكن لإنسان أن يغفل عن مُحاسبة نفسه ، ومن وراءه يومٌ ثقيلٌ ، وكلّ شيءٍ بميزانٍ ومقدارٍ : ومن يعمل مثقالَ ذرّةٍ خيراً يَرَه ، ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شراً يَره) فكلّ ما ذكر آنفاً ، يحمل إلينا رسالةً ودعوة ، لإثارة عناصر الإنتباه وعدم الغفلة عن الحساب والمحاسبة ، فأنت إذا أردت أن تكون مُخفّاً في يوم الحساب ، عليك الإسراع بمحاسبة نفسك هنا في الدنيا ، قبل أن تحاسب في الاخرى ، ويقال فيها : ولاتَ حينَ مناصٍ.
أمّا الروايات ، فقد أشبعت الأمر بحثاً ، ومنها :
١ ـ ما ورد عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، في حديثه المعروف : «حاسِبُوا أَنْفُسَكُم قَبلَ أَنْ تُحاسَبُوا ، وَزِنوها قَبْلَ أَنْ تُوزَنوا وَتَجَهَّزُوا للعَرضِ الأَكْبَرِ» (٣).
٢ ـ وعنه صلىاللهعليهوآله مخاطباً أبا ذر رحمهالله : «يا أَباذَر حاسِبْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُحاسَبُ فَإِنَّهُ أَهونُ لِحِسابِكَ غَداً وَزِن نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُ» (٤).
٣ ـ وَوَرد عن علي عليهالسلام أنّه قال : «ما أَحَقُّ للإنسانِ أَنْ تَكُونَ لَهُ ساعَةٌ لا يَشْغُلُهُ شاغِلٌ يُحاسِبُ فِيها نَفْسَهُ ، فَيَنظُرِ فِيما إكْتَسَبَ لَها وَعَلَيها في لَيلِها وَنَهارِها» (٥).
فهذا الحديث يبيّن لنا بوضوح ، مسألة المحاسبة في ساعات الفراغ ، وهي من الامور الجديرة بالإنسان الكامل ، الذي يعيش همّ المسؤوليّة ، في دائرة حركته المنفتحة على الله تعالى.
٤ ـ ما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام ، بنفس المعنى ولكن بشكلٍ آخر ، فيقول عليهالسلام : «حَقٌ عَلى
__________________
١ ـ سورة ص ، الآية ٢٦.
٢ ـ سورة الإسراء ، الآية ١٤.
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٩٧ ، ص ٧٣.
٤ ـ أمالي الطوسي ، (مطابقاً لما نقل عن ميران الحكمة) ج ٨ ، ص ٦٠٩.
٥ ـ مستدرك الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٥٤.