لتتأدّب ولتنصاع إليه.
٢ ـ ما ورد في غُرر الحِكَم ، عن ذلك الإمام عليهالسلام الهمام ، أنّه قال : «إِذا صَعُبَتْ عَلَيكَ نَفْسُكَ فاصْعَبْ لَها تَذِلُّ لَك».
٣ ـ وعنه عليهالسلام : «مَنْ ذَمَّ نَفْسَهُ أَصلَحَها ، وَمَنْ مَدحَ نَفْسَهُ ذَبَحها» (١)
٤ ـ وعنه عليهالسلام ، قال : «دَواءُ النَّفْسِ الصَّومُ عَنِ الهوى وَالحَمِيةُ عَنْ لَذّاتِ الدُّنيا» (٢).
ويحدّثنا التأريخ عن نماذجٍ كثيرةٍ من أصحاب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، والعلماء الكبار ، والمؤمنين المخُلصين ، الذين إذا مسّهم إغواء الشّيطان ، وإرتكبوا بعض الذنوب ، كانوا يسارعون في وضع أنفسهم تحت طائلة العقاب ، لئلّا يتكرّر هذا العمل منهم مرّةً اخرى في المستقبل ، ومنها :
١ ـ ورد أنّ أحد أصحاب النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وإسمه «ثَعلبة» (٣) ، كان من الأنصار ، وكان يُؤاخي «سعيد بن عبد الرحمن» ، وهو من المهاجرين ، وصاحَبَ سعيدٌ الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله في إحدى غزواته ، وخَلّف ثعلبة في المدينة ، مُعتمداً عليه في حلّ مشاكل بيته وعائلته ، وما يحتاجونه من باقي الامور المعيشيّة ، وفي يوم ما ، إحتاجت امرأة «سعيد» إلى شيءٍ ، فوقفت خلف الباب ، تتحدّث مع ثعلبة في ذلك الأمر ، فوسوس له الشّيطان في ممارسة الإثم ، فكشف عن حجابها ، فرآها جميلةً جدّاً ، فأراد أن يضمّها إلى صدره ، ولكنّها نهرته قائلة له : ما تفعل يا ثعلبة ، أمِنَ الحقِّ أن يكون أخوك في الجِهاد ، وأنت تُريد بأهلِهِ السّوء؟!
إنتبه ثعلبةُ من نومه وغفلته ، وأيقظه هذا النّداء من غيّه ، فَصاحَ وفرّ على وجهه في البيداء باكياً ، وهو يقول : «إِلَهِي أَنْتَ المُعرُوف بِالغُفرانِ وأَنا المَوصُوفُ بِالعِصيانِ» (٤).
فبقي في الصحراء مدّةً طويلةً مُعاقباً نفسه ، مَضيّقاً عليها لِما صدر منه ، وفي قصّةٍ طويلةٍ
__________________
١ ـ غُرَر الحِكَم.
٢ ـ المصدر السابق ، ح ٥١٥٣.
٣ ـ ثعلبة كان إسماً لعدّة من أصحاب النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وثَعلبةُ هذا ، غير ثعلبة بن حاطِب الأنصاري ، الذي إمتنع عن أداء الزكاة ، فطرده الرّسول والمسلمون.
٤ ـ ذكرت هذه القصة في كتبٍ كثيرةٍ ، منها خزينة الجواهر ، ص ٣٢٠ ، وكذلك في تفسير الفخر الرازي ، في ذيل هذه الآية ، بصورة ملخصة ، ج ٩ ، ص ٩.