بثوابٍ لا يعلمه إلّا الباري تعالى ، فيقول : (وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ).
٣ ـ الآية : (١٢٧ و ١٢٨) من سورة الصافات ، أيضاً صعدت بمقام المخلَصين ، إلى درجةٍ أنّهم معفوّون من الحساب والحضور في المحكمة الإلهيّة ، ويدخلون الجنّة مباشرة.
٤ ـ الآية : (١٥٩ و ١٦٠) من نفس السورة ، وصفت المخلَصين ، بأنّهم الوحيدون الذين يصحّ منهم وصف الذات المقدسة ، ممّا يدلّ على عمق معرفتهم الحقيقة بحقيقة الالوهيّة : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ* إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ).
فوصفهم للهِ ، لا إشكال فيه.
٥ ـ الآية : (٢٤) من سورة يوسف ، تحدّثت عن الحصانة الإلهيّة للنبي يوسف عليهالسلام ، في مقابل وساوس إمرأة العزيز الشّيطانيّة ، فقال : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
أمّا ما الفرق بين المخلِصين والمخلَصين؟ ، هنا نجد تفسيراتٌ كثيرةٌ ، ويمكن القول أنّ أفضل هذه التّفاسير ، هو الذي يقول : أنّ «المخلِص» هو الذي يتحرك في طريق الإخلاص لله تعالى ، بعيداً عن كلّ الشّوائب والأدران والمقاصد غير الإلهيّة ، في دائرة الفكر والنيّة ، ويتحرك بعيداً عن الرّذائل والقبائح ، في دائرة الفعل والمُمارسة ، أمّا «المخلَصين» ، فهو الذي تحضره العناية الربانيّة ، والمدد الإلهي ، لرفع آخر شائبة من قلبه ، ويشمله لطف الربّ لتخليصه من كلّ ما لا يحب ويرضى.
وتوضيح ذلك : إنّ الشّوائب التي تصيب قلب الإنسان ووجوده على نوعين :
نوعٌ يكون الإنسان منها على بصيرةٍ ، ويسعى لإزالتها من واقع وجوده ، بإخلاص النيّة والعقيدة والعمل ، ويُوفّق في مسعاه.
أمّا النّوع الآخر ، فهو خفي لا يحسّ به الإنسان في مسارب النّفس والرّوح ، كما ورد في الحديث النبوي الشريف : «إِنَّ الشِّركَ أَخفَى مِنْ دَبِيبِ الَّنملِ عَلى صَخْرَةٍ سَوداءٍ في لَيْلَةٍ ظَلْماءٍ» (١).
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٩ ، ص ٩٣.