ونعود بعد هذه الإشارة إلى أصل بحثنا ، ونقسّمه إلى أربعة محاور.
١ ـ أهميّة اللّسان بإعتباره نعمة إلهية كبيرة.
٢ ـ العلاقة الوثيقة بين إصلاح اللّسان ، وإصلاح روح وفكر الإنسان وأخلاقه.
٣ ـ آفاتُ اللّسان.
٤ ـ الاصول والأسس الكليّة ، لِعلاج آفاتِ اللّسانِ.
في المحور الأوّل : تحدّث القرآن الكريم ، في آيتين من سورة «البلد» و «الرّحمان» ، بِأبلغ الكلام.
فنقرأ في سورة البَلد ، الآيات (٨ ـ ١٠) : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ).
فبيّنت هذه الآيات الشّريفة ، النّعم والمواهب الإلهيّة الكبيرة على الإنسان في الحياة ، من قَبيل نِعمة العين واللّسان والشفتان ، كأدواتٍ وجوارحٍ يستخدمها الإنسان لمعرفة الخَير والشّر.
نعم ، فإنّ الحقيقة ، أنّ أعجب جوارح الإنسان هي اللّسان ، قطعةٌ من البدن ، حَمَلَتْ وحُمّلت أثقل الوظائف ، فاللّسان علاوة على دوره في بلع الطّعام ومَضغِه ، فإنّه يؤدي واجِبَهُ بِمهارةٍ فائقةٍ من دون أيّ إشتباهٍ ، في أداء هذه المهمّة الكبيرة ، وَلَوْلا مهارته في تَقليب اللّقمة بين الأسنان ، فما ذا سيكون حالنا! ، وبعد الأكل يقوم بعمليّة تنظيف الفم والأسنان أيضاً.
والأهمّ من ذلك والأعجب ، هو كيفيّة الكلام ، بواسطة حركات اللّسان السّريعة ، والمرتّبة والمنظّمة في جميع الجهات.
واللّطيف في الأمر ، أنّ الله سبحانه وتعالى ، قد سهّل عمليّة الكلام ، بصورةٍ كبيرةٍ بحيث أنّ اللّسان لا يملّ ولا يكلّ من النّطق والتّحدث إلى هذا وذاك ، ومن دون تكلفةٍ ونفقةٍ ، والأعجب من ذلك ، قابلية الإنسان للكلام ، وتكوين الجمل والكلمات المختلفة ، كموهبةٍ إلهيةٍ ، وملكة أصليّةٍ في روح الإنسان وفطرته ، بالإضافة إلى إستعداده وقدرته ، لتكوين وتأليف اللّغات المختلفة ، وتعددها إلى الآلاف ، وكلّما مرّ الزمان إزداد عددها وتنوّعها بتنوع الأقوام