مدعاة لإصلاح الظاهر والباطن.
٤ ـ وَوَرد في حديث آخر ، عن الإمام الرّضا عليهالسلام ، وفي مَعرض حديثه لإحصاء فوائد الصّلاة ، أنّه قال :
«مَعَ ما فِيهِ مِنَ الإِيجابِ وَالمُداوَمَةِ عَلى ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ لِئَلا يَنْسَى العَبْدُ سَيِّدَهُ وَمُدَبِّرَهُ وَخَالِقَهُ ، فَيَبْطُرَ وَيَطْغى وَيَكُونَ فِي ذِكْرِهِ لِرَبِّهِ وَقِيامِهِ بَينَ يَدَيهِ زاجِراً لَهُ عَنِ المَعاصِي وَمانِعاً لَهُ عَنْ أَنْواعِ الفَسادِ» (١).
٥ ـ وَوَرد عن الإمام الصادق عليهالسلام ، في دور الصّلاة وميزان قبولها ، أنّه قال :
«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنْ قُبِلَتْ صَلاتُهُ أَمْ لَم تُقْبَلْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ مَنَعَتْ صَلاتُهُ عِنَ الفَحشاءِ وَالمُنْكَرِ ، فَبِقَدَرِ ما مَنَعَتْهُ قُبِلَتْ» (٢).
فهذا الحديث يُبيّن بوضوح ، أنّ صحّة الصّلاة وقبولها ، لها علاقةٌ طرديّةٌ بالأخلاق والدّعوة إلى الخير وترك الشّر ، ومن لم تؤثّر صلاته ، في تفعيل عناصر الخير والصّلاح في وجدانه ، فعليه أن يعيد النّظر فيها حتماً ، لأنّها وإن كانت مسقطة للتكليف ، إلّا أنّها غير مقبولةٍ لدى الباري تعالى.
٦ ـ وفي فلسفة الصّيام ، قال الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله :
«إِنَّ الصَّومَ يُمِيتُ مُرادَ النَّفْسِ وَشَهْوَةَ الطَّبْعِ الحَيوانِي ، وَفِيهِ صَفاءُ القَلْبِ وَطَهارَةِ الجَواحِ وَعَمارَةُ الظَّاهِر وَالباطِنِ ، وَالشُّكْرُ عَلَى النِّعَمِ ، وَالإِحْسانِ إِلى الفُقَراءِ ، وَزِيادَةُ التَّضَرُّعِ وَالخُشُوعِ ، وَالبُكَاءِ وَجَعَلَ الإِلتِجاءِ إِلى اللهِ ، وَسَبَبُ إِنْكِسارِ الهِمَّةِ ، وَتَخْفِيفِ السَّيِّئاتِ ، وَتَضعِيفِ الحَسَناتِ وَفِيهِ مِنَ الفَوائِدِ ما لا يُحْصى» (٣).
فقد ذكر هذا الحديث الشّريف ، أربعة عشر صفةً إيجابيةً للصّوم في واقع النّفس ، وهي مجموعةٌ من الفضائل والأفعال الأخلاقيّة ، تصعد بالإنسان في مدارج الكمال المعنوي والإلهي.
__________________
١ ـ وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ٤.
٢ ـ مجمع البيان ، ج ٨ ، ص ٢٨٥ ، ذيل الآية ٤٥ من سورة العنكبوت.
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ٢٥٤.