وبناء على ذلك ، نجد في الإسلام أصلين مهمّين ، في دائرة المفاهيم الدينيّة ، بإسم «التّولّي» و «التبرّي».
أو بعبارةٍ اخرى : «الحبُّ في الله» و «البغض في الله» ، وكلٌّ منهما ، يحكي لنا عن حقيقةٍ مهمّةٍ في واقع الإنسان ، وتَماشياً مع هذا الأصل المهمّ في دائرة المعتقد ، فإنّه يتوجب على الإنسان المسلم ، أن يُحبّ من يحبّه الله ، ويكره من يُبغضه الله تعالى ، وأن يتّخذ من الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، والأئمّة المعصومين عليهالسلام ، اسوةٌ له في حركته المنفتحة على الله والحقِّ.
وهذا الأمر بدرجةٍ من الأهمية ، بحيث ورد في القرآن الكريم ، أنّه من علامات الإيمان ، وفي الرّوايات الشّريفة عرّف بأنّه : «أَوثَقْ عُرى الإِيمانِ» وأنّ حركة الإنسان في خطّ الإيمان ، لا تكون مثمرةً بدون : «التّولّي» و «التّبرّي» ، ومعه سوف تقبل منه سائر العبادات والطّاعات.
وهذين الأمرين ، يعني التولّي والتبرّي ، أو الحب في الله والبُغض في الله ، هُما من أهمِّ الخُطى المؤثّرة ، على مُستوى تهذيب النّفوس والقلوب ، والسّير إلى الله تعالى في خطّ الإستقامة.
وعلى هذا الأساس ، نرى أنّ كثيراً من علماء الأخلاق ، وأرباب السّير والسّلوك ، يؤكّدون على ضرورة اتخاذ الاستاذ والمُرشد في خطّ التّربية والتّهذيب ، وسنتناوله في المستقبل إن شاء الله تعالى ، بصورةٍ وافيةٍ.
والآن نعرج على الآيات القرآنية ، لنستوحي منها ما يتعلق بمسألة التولّي والتبّري ، ودورهما في صِياغة السّلوك الدّيني للإنسان :
الآيات :
١ ـ (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ)(١).
٢ ـ (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَ
__________________
١ ـ سورة الممتحنة ، الآية ٤.